لســــان العصــــر
{وَ مَن أحسَنُ دِيناً مِّمَّن أَسلَمَ وجهَهُ لله وهُو مُحسِنٌ
واتَّبَعَ مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً}
سلسلة لسان العصر
في سبيل تكوين تجمع العصر لتعظيم سيد العصر
محمد بن عبد {الله}
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
كيان الأكوان
تقديم : يوسف هاشم محمد نجم
تـنويه
ورد على غلاف هذا الكتاب بأنه تقديم:-يوسف هاشم محمد نجم.نرجو التنويه بأن كلمة تقديم وردت بدلاً عن كلمة: ( تأليف ) أو (المؤلف ).ولقد قصدنا بإيراد كلمة ( تقديم ) بدلاً عن كلمة (تأليف ) أن نؤكد أن المؤلف الحقيقي هو { الله } وما نحن إلاّ أداة تقديم لإلهامات وردت على الخاطر من لدن العالم المعلّم الأول و الآخر :
{الله}
خالق كل شيء وهو الواحد القهّار.
ماذا نعني بتجمع العصر
الاسم :-
تجمع العصــــر لتعظيم سيد العصر
سيد العصر هو صاحب المقام المحمود عليه أعظم الصلاة وأتم السلام، هو الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، سلاماً وأمناً على ميزان المحبة والرحمة.و ليس للمقام المحمود من صاحب غير سيدنا وحبيبنا وغرّة أعيننا محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.و معنى تعظيمه هو أن نعمل على تمهيد طريق قدومه المنتظر.
ولقد طلب منا عليه أفضل الصلاة وأتم ألتسليم أن ندعو له عند وفي كل وقتٍ رُفع فيه النداء بالطلب لفتح أبواب السماء لتحقيق الصلة بالرب أن نقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاةالقائمة آتي محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
والوعد كان قد جاء هكذا :
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا }
[79 الإسراء]
المرشد:-
هو محمد بن عبد {الله}
النبي الأميّ المبعوث رحمة للعالمين كافة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأعضاء:
هم كافة العالمين من إنس وجن . الطفل والطفلة، الصبي والصبية، الشاب والشابة، الذكر والأنثى.المسلم، المسيحي،اليهودي، البوذي الهندوسي الزرادشتي، الكنفوسيوشي، الماركسي وجميع من هم بخلاف ذلك من أمة {الله} الذين وسعتهم رحمة الرحمن.
المقر:
في كل بقعة مباركة من أرض {الله} الواسعة
وفي قلب كل عبد من عبيد {الله} يسكنه الرب.
المركز الرئيسي:
يُشيّد أعظم مبنى بعد الكعبة المكرّمة والمسجد النبوي المشرّف والمسجد الأقصى المبارك على وجه الأرض في البقعة المباركة حيث التقى موسى العقل بالخضر القلب في مقرن النيلين في الخرطوم ليكون مركز الانطلاق لتعظيم النبي محمد بن عبد {الله} والدعوة لتطبيق منهاج السنة النبوية المشرفة.ثم بعد ذلك لاحقاً ليكون مقراً للحكومة العالمية، وبناء على ذلك يجهز هذا المبنى بحيث يلبي أغراض ذلك بصورة شاملة.هذا البنيان يجب أن يشمل استوديوهات للبث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات وقاعة مؤتمرات عالمية كبرى بالإضافة إلى المرافق الضرورية لخدمة العاملين.
الدستور:
هو قول النبي محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
(راجع كتابنا: دستور الإنسان المعاصر)
وعليه فإن هذا التجمع ليس بحزب سياسي ولا بطائفة دينية، ولا برابطة إقليمية.
شعار هذا التجمع:
قول {الله} تبارك وتعالى وقوله الحق المبين :
{ لا إكراه في الدّين قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
لا انفصام لها والله سميع عليم }
[256 البقرة]
آلية الدعوة:
{أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]
{اللهُ}
جلّ جلاله وتباركت أسماؤه
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[13 الأحقاف]
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة
ألاّ تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعدون}
[30فُصّلت]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
{ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
[9 النحل]
جفـاءُ المضـاجـع ليـس يـنـبئـك عـن شـغــف الـهـوى
وجلُ الجـلاء جـلالُ جـمال صـفـاء سـاعات الجوى
قد مضى عهد التّصابي و مقبل الأيّام رجعٌ للصّدى
{بسم الله الرحمن الرحيم}
إهداء هذا الديوان
إلى غرّة عين الحبيب
لم هذا الصدود وهذا الجلاء
بُعادك مَحَلَ الفلاة وحرّ الجوى
بلاكِ نكون محِلّ حلول البلاء
وقربك فيه تجلي جمال النهى
أتوق عناق الأديم بسبعٍ سواء
ليذهب عني بلاء البعاد وشرّ النوى
ألا فتعالي لنقبل نحو العلا
نكون الكون عليه الجمال انجلى
نعيد الصلات صلاة الصفاء
فنبني العروش لوقت حلول الضحى
نكافف رباً بكف كفاف الكفاء
نشاهد كيفاً كيف كفاه انكفى
أشاهد برقاً لموعاً بقعر قدور العناء
أتوجس خيفة من مكرٍ برد الطرف عليّ اعتلى
فجاءت تسعى تلوم فقلت الرضاء
عسى السعي يدوم بعد أن كان اختفى
سبّحتُ بالحمد والشكر لرب البهاء
تجددتُ وجداً فجُبّ عورٌ وعني انتهى
أناجي الحبيب بشغف التياع الفناء
يُبقيني قريباً فيُشفي عليلاً وشيك السهى
يرفرف طيري كعصفٍ زرته رياحٌ هباء
فألزم ركناً شديداً بناه شديد القوى
أراني فصيحاً بنظم أبيات إلهام الخباء
فأراود نفسي فتأبى لكشف نقاب النهى
كيان الأكوان
تعلّق قلبي مقاماً عالياً
قامت به السماوات والأرض
به المثل الأعلى موعود
به الأكوان كانت وكائنة تكون له كياناً
عرشاً شاهداً في كونٍ عددٍ معدود
وعدٌ صدقٌ من مريدٍ فريدٍ
هو الرّاد لا له مثل ولا الوعد منه بمردود
أمّة {الله} أمّته يتطلعون يوم شهوده
عاليهم قميصٌ من دبرٍ مقدود
فيا من إليك قيامتي أنا بك قائمٌ
أنت الحيّ القيوم لا إله إلاّ أنت
وأنت الشاهد المشهود
ويا من به تكون شهادتي يوم يقوم الأشهاد
كلٌّ منتظرٌ أن يشهد محمّداً بمقامٍ محمود
فأنت الأول أنت الآخر أنت الظاهر أنت الباطن
أنت الأحمد كدحاً منك إليك الكون يعود
عجلة استعجالٍ تعجّلنا نستبق إليك هلعاً
ولا نعالج إلا ما جُعل جُعلاً بكفك الممدود
محدودةً أطرافنا إن استكفت كفافاً كُفيت
وإن امتدت تطاولاً قُطعت بكافك المنضود
ربانٌ مستجدٌّ ما مخر عباب البحر بكلٍّ
كيف له منجداً يعيد إلى كنفٍ عبداً موجود
العبد الموجود لسيده ليس بعبدٍ عبّادٍ
فالسيد لا يرعى أغناماً بل ينظر عبداً مفقود
كون كيان الأكوان كان كينونة فتقٍ
وبمقامٍ محمودٍ يتكون كُلاًّ رتقاً منجود
الــعــقــل
آه يا قلبٌ رحّال في الأكوان
سوّاح بين كواكبها يستجدي الأوزان
يستعطف خزنتها مصباح الإيقان
قبساً من نورٍ لدفء الأبدان
أو شهابٍ قبسٍ لجمع الفرقان
و تناديه الأجرام أيا كون الأكوان
أنت المشكاة وفيك المصباح البيّان
أنت البرهان وتستجدي التبيان
ألقِ عصا الترحال هنا والآن
لك تفتح أبوابٌ في كنف العرفان
تشاهد معبوداً بعيون الإيقان
النوع واحد والاختلاف في المقدار
ما تغيّرت عما قال كلماتي
إنما الأسلوب جاء يروي عني حكاياتي
و ما قلت فيما قلته غير ما منه استقيته
وما الآبار إلا عيون بحرٍ واحدٍ عنه جاءت كتاباتي
في بحره بحارتي تُبحر تدفعها رياح عناية
وتجارتي بيع سلالٍ حبكتها أحلامٌ بين فرقاتي
***
إن أردت من القرآن فهماً
فانصبه على أعمدة الفرقان
فإذا أردت قطف ثماره
فانثره على نخلٍ تهزّها تأتيك بالبرهان
***
شأن الشيء
منذ أراك أرى وجهاً مألوفاً لا يكلف شيء
أرى الدنيا وقد جُمعت
فآلت لمن ليس كمثله شيء
فإن اتقيت ملكت
فأصبحت مالك نواصي كل شيء
وإن انتهيت بدأت
تسبر الأغوار لا يحجبك شيء
الوسيلة من جنس الغاية
عندما تطلب غاية ترجوها كريمة
توسل بالصدق لا تكذب
فالكرامة لا تأتيك إلا من كرام
وإن رمت أن تكون لبيتك رباً
فالعبودية رسنٌ للرواحل والزمام
القاف ليس غافياً
يجمع البرد أشتاتاً والصيف عمدة أفرع التفريق
فكن أنت ولا تبالي فمثابرٌ ينال شهادة التحقيق
الورع يُبقيك فزِعاً من انحرافٍ عن جادة أروقة الطريق
فكن يقظاً لكي ترى فالمشتتٌ أعمى عن التدقيق
الويل ثم الويل لمن ادّعى رؤية لمع أطياف البريق
فما الداعي إلا واحدٌ تبرأ عن مشاركة الشقيق
الشرك أن تراك مهيمناً و الأنا منك حجراً من عقيق
فما الكريم إلا واحدٌ إن رمته تتخلى يحليك بالتفويق
السير على الطريق مسافراً يُوجب صاحباً و رفيق
فالقاف ليس غافياً هو الميس لمن خُصّ بالتحليق
وما الكون إلا صورةً كصوت البوق نجم عن تبويق
فالنافخ واحدٌ و الصور أنت فكيف أنك لا تفيق
عندما فتر الدعاء
فتر الدعاء وحجب الغمام ما تحت جدار القرون
وحيرة صالت وجالت تحاول عبثاً فكّ حصار الظنون
أخاف انتهاء السعاة للاشيء عند حلول رسول المنون
وأخشى غياب الفجر بعدم انبلاج سليل أضواء الفنون
أشكّ إخلاص خليلٍ توارى تحت طيّات أوهامٍ جنون
أتوجّس مكراً يحيق بأهلي أظل معلّق ما بين المكون
أتساءل فأُسأل عتاد وعُدّة جهاد جوادٍ ما بين المتون
يفرّ الكلام فيخبو شعاع الشعور والحزن يغطّي السكون
كتابٌ مفرّق تفاريق جنودٍ ما حال مالٌ عنها وما أفسدها البنون
فيا ليت شعري أين يكون الخفاء ومتى يتجلّى الكمون
فترات فتورٍ تمرّ علينا نكون كخُشُبٍ تسندها الوهون
نهيم بوادٍ غفرٍ نتوهم ظناً بأنا نقيم والحال جنوحاً فتون
كيف تُضرب الأمثال
النونُ ألفٌ تلولب على نقطة باب مكنون الخفاء
محبوبُ محبٍ لوّعه السّكونُ واشتدّ عليه الجفاء
وجاء القلم يبثُّ الشوق حبيباً كتب عليه الفناء
فما هو غيرٌ ما هو إلا رحلاً عليه توالى العطاء
فكيف أنك تشكو اعتلالاً ولملتاعٍ أنت جُعلت الشفاء
فإنك أنت الحبيب لعرسك أنت نُصب الجلالُ خِباء
خِلال العروس التورّد فرحاً قريباً يُطرح عنها الكساء
ثوب الفناء أسمالٌ تزول و يبق الوهجُ مضيئاً عند اللقاء
تلك أمثال ضُربت لكيف أن الظهور عروس النقاء
فالنور عروساً لضوءٍ كمثل ما كانت لآدم عروساً حواء
تضيق بحالٍ تحسبه ابتلاءً وهو في الحق اجتباء
فلولاه ما حنّ قلبٌ ما عن فؤادٍ أزيل الغطاء
تحسب أنك بعيداً أُلقيت قعيداً في جُبّ العناء
تكابد وهماً تراه سراباً وأنت العين تفجّر ماء
تتوجس خِيفة تروم ضمان دوام هناءٍ بعد الشقاء
وأنت بما أنت فيه قصيدةُ عشقٍ من نظم الصفاء
تتطلّب نوال البِرِّ وأنت بالبَرِّ ممسك لجام اعتلاء
فتغرق في بحر الظنون وليس اللجام إلا هباء
فاتبع الحادي تبلغ وطناً جُعل بالأرض كما بالسماء
تلاقي حبيباً تحسبه بعيداً وما كان إلاّ زوال ادّعاء
أقم الصلاة عسى أن تُبعث مقاماً فريد الطلاء
تشهد الرّبّ فيك عياناً بياناً وذاك اصطفاء
الكون أنت والآفاق رفرفة أعلام نسيج البهاء
يُشيرُ إليك كفاحاً فأنت السّرُّ وأنت ذبيح الفداء
فيا عينُ صحواً لنشهد سوياً كسر صليب استواء
ونبحر ببحر المعيّة لا نتلفّت ولا عن الحق يكون التواء
ويا أُذنُ أصغي تراتيل قدسٍ ألحان قلوبٍ طهرها الدعاء
نسمع ذكراً نصطنت لفكرٍ عمار عقولٍ جوّلها القضاء
طفل تائه
طفلٌ تاه بمقبرة
يبعثر أكواماً يبحث عن عنوان
يتجول بين الأجداث على أمل
فلا يجد أنيساً غير أعمدة الصلبان
سأل الصلبان دليلاً
أين تكون نافذة الوجدان ؟
فضحكت تسخر منه وقالت
نحن رموز الفقدان
فخير لك أن تخرج
و إلاّ فستنعق معنا كالغربان
فاحتار الطفل التائه وتلفت
يفتقد لمحة برقٍ للغفران
واستدار ليرجع يتعقب أثراً
لأعقابٍ أتلفها الدوران
فبكى محترقاً بدموعٍ
انهالت حتى ماجت كالطوفان
فصار ينادي نوحاً
أن خذني لوحاً لتمام البنيان
أو اجعل مني صاري
عليه تشد أشرعة الهجران
فما وجد جواباً غير نداء
أن ألزم دائرة الخلان
فما لك من مخرجٍ إلاّ
أن تسلو مدن الأحزان
مدنٌ الخل فيها بشوشاً
وبباطنه كيد خوّان
لا تكاد تأمنه تقاربه
فتجده ذئباً في جلد الحملان
فكيف لنا أن نتخطى هذا الغبن
ليعود الطفل إلى الأحضان
ومتى يأتي الرجل الساعة
يستخرج مقبوراً تحت الجدران
فيحل سلامٌ بداخلنا
وتدق الأجراس مصاحبة الآذان
ويكون لكلٍ منا شراع
به يبحر ليجد العنوان
كنز الفقد
يحترق الوجدان أسى
على ما حلّ بالأبدان
فيرتد الطرف خاسئاً
متحسّراً لا يميز الألوان
وانبعثت الضغائن تستعلي
مرتفعاً شامخ البنيان
والرواحل كلّت تروح وتغدوا
و النوم لا يراود الأجفان
الليل يبدو ساكناً
و فيه ما فيه ثورة الغليان
و نهارٌ قصير لا يلبث
حتى يولي دونما تبيان
ولا يُقبل الوقت إلا مدبراً
وكأن بالأدبار مس الجان
فيا ساكن برج العافيات
تدلى قبل أن عليك يتهدمان
ويا قاطن جحر الجافيات تجلى
قد جُعلت الجحور للفئران
فاعتصم بلا إلا عادلاً
تعتدل من حولك الأوزان
ويا غائب الوعي انتبه
فالسكون بوادر الفوران
لن يغنيك ما تملك فانياً
فكنز الكسب في الفقدان
هو الفضل
تفضّل فاضل ليس الفضل منه بمنّة
وليس تفضّلٌ
إذ أنه هو الفضل نفسه
والتفضّل ريحه وسماته
يأتيك منه سذاجة وطلاقة
الشمس ضياءه
والقمر نوره
وعدّد
فلا حصر لأسمائه وصفاته
فهو هو بكلّه
فانعم به فضلاً يجيء بلا عناء
وترفّه فالفضل كنز لا يُطاوله الفناء
رجع الصدى
ألا يا رجـع الصـّدى العـائد فانياً صـوب الخـفاء
الرّكـب يـجدّ السـير إلى الأمام يسرع في الـخطى
يشتـاق إلي الوصـول نهايـات الـطـريق المرتـقى
يجـهل أنّ الطريـق لوالـب يـعـود بـه حيث ابتدأ
فالـركب حـقـيقـة ليس مسافرا بل عائد نحو الوراء
والعـمـر يـنـقـص لا يزيد يعمّر فهو تنكيس وفناء
أول الخـلـق كـما بـدأ وعـداً يعود عوداّ كالصّدى
الـحـنـيـن
آه يا قلبٌ يشتـاق لإطلاق الأبديّة
يـحنّ لموطنه حيث الأملاك العلويّة
يـتـوق لمحبوب لا جنّ ولا إنسيّة
يـرجـو إتمام لقاء في اللحظة الآنيّة
بمواطئ أقدام الـرّوح القدس الأزليّة
يمنّـي النـّفس فيوضاً وعلوماً لدنيّة
يـكـدح مصحـوباً بسلامٍ في النيّة
يشارف أعتـاب القـدس المخفيـّة
ويـسـجـد مرضيّاً مهديّ الطّـويّة
يشاهد طلـعة محبوبٍ وجداً بلا كيفيّة
ألا ليت مقاماً
أحضان الإطلاق الأبديّة
سوح العرفان
آه يا قلبٌ يهوى سـوح العرفـان
يـتـطـلّع مشتـاق لمراقي الوجدان
والكلم الطيّب يستهدي لبلوغ الأركان
و صّـلاة يتوسل مّرقاةً لقطوف الأفنان
مـطيـّة تـرحـالٍ بين شعاب الفرقان
تـراوده مـلهمة سرّاً بين الجدران
يـستلهم برهاناً يهديّه لباب الإحسان
وغلام يرهقه طغياناً يسمعه عذب الألحان
فـيـنادي خضراً يخرجه عن بحر الألوان
يـهـدّ جداراً يستخرج كـنز العرفان
آه مـن قـلـبٍ يستحمي نـار الإيقان
لؤلؤة الأعماق
آه يا قلبٌ يـشـتاق إلي السّبحان
إلي لؤلؤة الأعماق ينبئ عنها الوجدان
إلي كنزٍ من قدمٍ تحت جدار الأزمـان
إلي شمس احتجبت خلف ظلال الأبدان
تـهتزّ جوانح مشتاق أثقله ليل الحرمان
تـثـور كوامنه تترقب فجر الإيقان
تـحرّض مجمعها أن فك عقال الإنسان
تـبتهل لمولاها تتضرّع خاشعة الأوزان
ألا00 فـرّج كربا أضنى كاهل أبدان
أجـمـع أشـتاتا فرّقها طيف الألوان
أصـرف عـنّا إصراً قرّح منّا الأجفان
و تجلّى يا حبيبٌ أجلي عنّا الأحزان
حــيـرة
آه .. مـن قـلـبٍ مـحـتــار
الحـيـرة مـطبـقةٌ .. و ليس ثمّ خيار
الـغـيبُ بداخـله خـلف الأسـتار
والحـزن يـعـمـّيّه عن فـرح الأنوار
الـعـيـن مسـهّدة في لـيل الأغـيار
والـسـّمـع تـلهيه عن صنط الأذكار
و فـؤاد تـهـتزّ جوانحه لسماع الأخبار
والعـقـل رحالا يتوسم قبساً من نار
الحــيرة مـطـبقة كظـلام الأسحار
والقلـب مراكبه تتحاشى الإبحار
وبحّار خوفاً يتردد
فـالـبـحـر .. لآلئه في سرّ الأسرار
سفينة الإلـهـام
آه يا قلبُ سفينته إلـهام الرّحـمـن
يحاول عـبـثـاُ خرق جدار الأزمـان
مـخـر عـُباب الّلـوم حتّى أضنى الأبدان
استشرف بحراً ملهم والشطّ بعيـد طمآن
مسكينا يا قلبُ ريـاح البحر لها وجهان
تسوق ســفينته طوراً وطور ترتدّ بلا برهان
مسكين يا قلبٌ ركب سفائن أغيار الزمكان
وحـوريـّات الـبـحر كأطياف الحيـتان
لبّ الـقـلب مشـدود لمراسي الأوطـان
فيا ريـاح الـرجاء هـُبّي هـنـا والآن
يـلاقـي الـقـلب بغيته في كـنف الدّيّان
وتوصـله سفينته إلى الشّطّ السعيـد الطمآن
حــرمــان
آه من قلبٍ أضناه الحرمان
فالرّين يغطيه بمكتسب الأبدان
الجوهر محجوب و كذاك المرجان
فالبحر لآلئه في صدف القيعان
القلبُ مراكبه في لجّ الدركان
فآه وآه يا قلبٌ يتمنّى الوجدان
ألا يا قلبُ لا تيئس من فيض الرحمن
فالذّنب يقايضه بروح الرّيحان
سرّك محفوظ في طيّ الكتمان
الذّكر مراجله تجلي الأبدان
والوجد معارجه في سرّ الحرمان
حـصـر الـشّـرود
آه يا قلبُ علام هذا الجمود إلام تظلّ قعيداً رهن القيود
ألم يأنِ بعد ميقات الشهـود فالبحر محدود خلف السّدود
الرّحل فيه برهان الورود وبالكلم ترقى مراقي الصّعود
العمل يصلحه حصـر الشّـرود والعلم مرهون بإصدار الجنود
الظل مأوى لخيـر الودود والذّلُّ مفتاح لبـاب الوجـود
ستأتي إليك تدعوك رياح السّجود
لتجزيك عصاك لإطلاق الجمود
كـــن حـــوتــاً
آه يا قلبُ من هذا الخفقان
دءوبا ً تسعى في شعب الوديـان
بين النّخلة و السدرة تفاضل تائه حيـران
فلم يا قلبُ هذا التوهان
عرّس بظلال النّخل مأوى الحيتان
وهزّ الجزع تتحقّق بسلاف الإيقان
وتعلّق بالسّدرة يغشاك جلال الرحمن
وأبحر منفرداً لا تخشى الحيتان
بل كن حوتاً تتدلّى للأدنى بأمان
وشراعك أشرعه والأشرعة ألوان
وراية استسلام أرفعها تتفادى التوهان
الـوجــد فـي الـفـقـد
أي قريني كفّ عني وساوس وسوسة الأجنان
وهيّا نتعاون نتبين هدي الرحمن
لا نترك أوراداً توردنا ماءً بمدائن تنضح عرفان
ولنرفع أشرعة السير طوع الديّان
هيّا أقبل لا تدبر لا نخشى كائن من كان
ولنبحر منّا لنعود إلينا وصولاً للآن
قل أو افعل فالمعنى سيّان
لا تخرق زورقنا فالعيب في الأبدان
أترك دفّته الشوق يوجّهه نحو الأوطان
واسترخي يا خلّي فالموج نهايته الشطان
وأذعن لمشيئته فالعبد عبادته الإذعان
ولتلقي أثقالك فالترك استحواذ الإيقان
والفقد حقيقته آية آيات الوجدان
الـمـــآل: هـــنـا
المآل هنا ليس ما قد كان أو ما سيكون
هنا والآن حقيقة الأمر كن فيكون
و الآن مآل العبد في ترحاله بين الظنون
جمالٌ وجلالٌ والحبّ ميزان الفنون
حلال ما أنت فيه ما دمت للحب تصون
لا حرام في الدنا فالأصل حلٌّ وحنون
لا تجاهد فيما سيأتي كلّ شيء في المكون
بل تفكّر وتذكّر تخترق حجب الجنون
سترى ما أنت فيه محض خير لا فتون
حــيـاة الإنـسـان
كـدوام الـزّبـد عـلى الأمـواج
كـذاك تـدوم حـياة الإنسـان
هـذا المولود الفاني طـرفة عـين
يتّسع لأسرار جمـيع الأكـوان
دخل عليها دون إرادته
ضيفاً وله في ذاك أوان
ومنها يخرج دون إرادته
رحّال في سيرته بين الأكوان
وجودٌ دوّارٌ بمدار لولب
يعود لمبدأ خلق الأزمان
يتفكّر في الآفاق يتذكّر
يحاول كشف السّرّ لتركيب الألوان
كيف يأتي مّن لّم يسافر!
ماذا تكتب ماذا تقرأ كم عمر الإنسان؟!
أتكتب أشعاراً تطيل حياتك عبر الأزمان!
تموت و أحياناً تحيّ والدّهر عرش السلطان
وتسافر مفتقداً ذاتك ولا تجني غير التوهان
فاصبر وما صبرك إلاّ مفتاح مغاليق البرهان
سيأتي لا بل قد أتى وعنه أنت الغفلان
ما كان وما يكون الآن كائن فاترك هذا الزّوغان
إلزم هذا الحاضر أخلع عنك ثياب العرفان
كيف يأتي مّن لّم يسافر؟ وهذا عين التبيان
فهو الآن حاضر فاحصر حلقات الوجدان
لا تك في الآفاق ناظر فأنت آية آيات الزمكان
والأنت كفر فامحها وسارع في طلب الغفران
فيا من على الدوام حاضر غيّبني فـي لحظـة فقدان
فالوجد في الفقد وعليك أنت التّكلان
وأشرقت الأرض
أهيم بواد لا تغيب عنه شمسه
و أمواه بها تُشفي كماء زمزم للسقيم
سبعٌ فسبع ينمو ويكمل بدره
والثمر موزون على صّراط مستقيم
البدر كالشمس صار اكتماله
والأرض أشرقت بالنور فلا عتيم
هواء كطيب المسك رقّ نسيمه
والشاة تستأمن السبع صغاراً من بهيم
على ميم من جئنا وجاءوا صوبه
نروم مضارب النون وبالرحب به نقيم
الماء كماء مدين عذب أُحلّ شرابه
وعيون موسى فُجّرت تسقي الأديم
يسافر بالخواطر والرواحل فكره
تبع العليم فصار برحله علم العليم
صـمـّام الأمـان
أطّلعت الغيب
أم أنها سياحات بأفكارٍ
عانقت أقصى الفضاء
أو قد أخذت العهد
فتباطأت رواحل الكدح عن سير العناء
أم أمنت المكر
لا فهذه لا
حتى لو عانقت أعطاف الصفاء
فلا تقم وزناً لأحوالٍ
فالمقام هناك أخفى خلف أغوار الخفاء
أنا لم أقل بالقطع لا
فالبشير جاء
ليلحق الأرض أسباب السماء
بل رويدك قد قلت مهلاً
فالتطاول يرديك نثراً كالهباء
الحزن أولى و الخوف صمام الأمان
زواله كشف الغطاء
وبما أتاك فافرح واقتصد
فالتأرجح مفتاح مصراع العماء
إن نار الوجد برد
فتدثر وتزمّل يحترق ران الجفاء
فالبرق نورٌ ضوء نارٍ
من غمام أزكيت والأصل ماء
والبراق طرف عين يُسَلُّ عنك
وإليك يُفضي مكنون أقدار القضاء
يستأنس الضوء بنوره
كذاك الأمر بدءاً هو حال الأصفياء
جبريل روح والرّوحُ رَوْحاً
لريحانة نبتت بأرض الأنبياء
سبحانك اللهم أرجو
مقعد صدقٍٍ ليس مشوباً بادّعاء
فالحمد والشكر منك تفضلاً
ولك الفضل حقّاً لا رياء
كـيـف
كيف تصبو للأعالي
والدنايا طوق قيدٍ للحضيض
كيف تخترق الخفايا
والقيوم تراكمت من غير برقٍ أو وميض
كيف هذا كيف ذاك
والكيف مجهولٌ عضال بل عضيض
كيف للإبصار يُجلى
والدمع حجرٌ في المحاجر لا يفيض
كيف للأجساد ترقى
والظلال كثيفة وليس للعِرْقِ نبيض
كيف هذا كيف ذاك
كيف للماء فوق الرمل يعلو لا يغيض
كيف للأفكار تولد
والعقل عاقر والرحم يأبى أن يحيض
كيف هذي النفس تصفو
تتسامى ثم تسفل للبغيض
كيف يُسبر غور الكيف هذا
كيف أنّ الكلّ مكنون في البعيض
كيف هذا كيف ذاك
كيف الفرار من النقيض إلى القضيض
الـغـيــب
كل ما هو كائن أو ما يكون
إنما كان في الماضي السحيب
لا تحسبنّ الغيب يأتي
إنّما الغيب كُن وما كان إلاّ أن يجيب
لا تعلمون ما علمت عتيداً
لا ولا ما علّمني الرقيب
ما هو آتٍ أو ما سيأتي كان فعلاً
رأي عين يراه من كان لبيب
{الله}كلّ العقل
والعقل مفتاح ذاك الغيب
والغيب لبّ القلب
إليه بالتفريد يعود من كان حسيب
الـقـلـب و الـعـقـل
هل ب{الله} عليك
عرفت قبلاً واحدة جلست
لأنها ما عرفت
أن تدقّ مسماراً في جدار
أو أنّها جلست لأنّها ما عرفت
أن تعزق الجزع
من نخلة صدأت بفأس من نضار
الـلـولـب الـكـبـيـر
الدار هذه سكانها حريم من حرير
الصراع بينهن يدور وهذه الحياة لولب كبير
حلقاته لوالب صغيرة تدور
ودرجاتها هي الأخرى لوالب تدور
فالكل دائر كدورة اللولب الكبير
والصراع دائم في هذه الحياة مستمر
كلما صعدت درجة وأنت في الترقي مستمر
ترى الصراع لا يطاق والطعم مر
الحيوان والحيتان في صراع كذاك الأوادم في صراع
فسبحان من جعل الحياة صراع مزدجر
المؤمنون المحسنون الموقنون كلهم جزاع من عواقب دوائر الصراع
كل هذه الحياة لولب يدور بالصراع وليس ثم مفر
والدار هذه موجودة في حيّنا القديم والسكان كلهم حريم
أسماء ، سميّة ، سلمى كذاك ليلى و ريم
عاشقات لبسن للفتى الوسيم ثياباً من حرير
الصراع بينهن شديد على الفتى الفريد وهو العنيد لا يحيد
يشاهد الصراع من بعيد ويقول سبحان من بدأ يعيد
أن ليس ثم في الأيام من جديد ولا ثم من تكرير
اليوم هذا أوّل الحصاد فالأرض مزروعة بلا سماد
زراعة يعمّ خيرها كل العباد موعودة بأنّها أرض المعاد
وريعها يجزى به السيد الوحيد للبلاد
كفاحاً أو بأيد يجري بها التمرير
شـهـادة الـطـيـن
تتراءى خيالات الظلام مناظرا
تجبر القلب على الأنين
ويُفعم اللبّ خوفاً
يخشى عواقبها فيطأطئ الرأس الحزين
أُسائلهم فيحتارون رداً
أو لم تكونوا حينها بالجانب حاضرين
قالوا ليس بأيدينا
وسل الطين يشهد أنّا كنّا غائبين
ويشهد الطين عند سؤاله بقوله نعم
وقد جُوزيت فما بال ذاكرة الخائفين
فقلنا نخشى ربما ما كان الجزاء بقدر ما كان جرم الخائنين
قال الجزاء كنت فوراً كذاك قال خير القائلين
ألم يقل من يفعل مثقال ذرّة يرى مقابل فعله في كل حين
هذا يريح غير أنّا نظل نخشى مكره
وبقوله هو خير الماكرين
دع عنك هذا ألم يقل لا تقنطوا
أنا الغفّار لجميع ذنوب العالمين
بلى قد قال آمنّا بذلك لكن
ليطمئنّ القلب لا بدّ من بعض اليقين
يقولون قد ثُبنا ولكننا نخشى
أن الطين يعاوده لأصله المسنون الحنين
روحــــي
أشيخ وتبقين يا روحي كما أنت
فمن و ما و كيف أنت ومن أين أنت أتيت
أمن ألست أنت أم أنت قبل ذاك خلقت
أبعضٌ أنا منك أم معبراً أنت عليه سلكت
أواحدة أنت والخلق عيوناً بها أنت نظرت
أم أنت كأنفاس الخلائق عدّة قد تعددت
الأول ظاهر والباطن واحد فأين بين البين أنت
و النفس ما أدراك ما هي أنت أم أنها نقيض ما أدركت
وهي سبعاً درجاتها أ فسبعٍ كذلك أنت
و الجسد سبعاً نحو الرفاعة يسمو
حتى يكون كأنّه أنت !
فما بال العقول عقال
والفؤاد للقلب باب لولوجك أنت
رأي العين
قم بنا يا صاح نسعى قد مضى عهد السكون
إن أردت العلم فاخرق حاجز الوهم الظنون
حائط الأحلام غيوم من ظنون شاده العقل الفتون
هُد الجدار و لا تبالي فخلفه كنز المعارف و الفنون
آن الأوان لفتيةٍ رشدوا أن يخرجوا العرق المصون
التثنّي رحمة و الرشد تفريد و الكنز شهود بالعيون !
معول الفكر عصا موسى فألقه تحتكم كلّ ما هم يأفكون
قصورٌ من معانٍ زيّنت بكهاريب أنوار الحجون
و عبيدٌ من مثاني سٌخرت طوع أمر ولاة منتهون
كلّ ما قد قيل ظنٌ و ما دون المثل جهلٌ قد فُضح العارفون
أينما نظرت
إن كانت عيني لا ترى
فأينما نظرت لا أرى إلاك
ولست مضطرا لأخرج عني
حين أن يكون روم لقاك
أنا جملة الأكوان هنا
وليس هناك غيري من يكون حماك
فدائرة الوجود كأنها أو تكون أنا
ولست موجودا بها بدون رضاك
محراب الاعتكاف
دير الاعتكاف
على مذابحه رقصت غانيات ملاح
وتهتك الرهبان
تجردوا عن كل موال تغنى به الملاح
على بحرٍ تلاطم موجه
يتقاذف حوتا كريشة في مهب رياح
والحوت سعيد سابح
أينما تأخذه على الأمواج ساطيات الرياح
نار الوجد
لا تنساب نقاطي دوافعٌ
إلا إن تسعّر القلب بنار الوجد
واهتزت لذاك الأضالع
ويشتد بي الجوى فأناجي من جواني تذللا
حتى تفيض عن محاجرها المدامع
فيقرع طبلي وتنساب ألحان مزامري
وتدوي دقات الفؤاد كضرب المدافع
ويقام عرسي فأزف لمهجتي
فأرفع عن وجه المليح البراقع
أنا
أنا فعلت أنا تركت تقول توهما
لا للأنا شأن بما قد كان وقد جرى
أناك لا وجود كمّاً وكيفاً لها
إنما هي النون القديم الذي خلف الورى
فلا تنسبن فضلاً لأناك لأنها وهم
خطراتها مرسومة من قبل عينك تعترف الكرى
تلك شريعة بالحق تجيء مشروعة
حتى لا تميد أناك تتبع الهوى
وفي الحقيقة ليس في الكون حرفاً يُقال على الهواء
إلا وهو مرهون بالهوى
وما الوجود إلا تباريح شوق محب لمحبوب
بعهد قديم على الهوى
ستار الأنوار
فيما بيني والظواهر أختلي
وكأني العابد المغوار
وأراني بين البين مدّعياً
يتشوّف الأغيار
أقوم قائماً متفرعناً
وخليلتي مكشوفة الأستار
فأعتلي متفاخراً
صرحاً بجنانٍ من تحتها الأنهار
فإذ ما أدبر الليل
وأزيل الستار عن النهار
أقبلت أتلذذ
ما بظني يُرى عليّ من أنوار
ومن بين الشعاب خليلي ينادي
بأن ذلك عار
فأحتمي لطفاً لا ولن ألقاه إلا
بهدّ أركان الجدار
فأحتار كيف يكون هذا
وكيف لهذا الجدار أن ينهار
يناديني الحبيب بلطفٍ
من داخل حضرة المختار
أن لا مفازة لك إلا
أن تداوم بحضرة استغفار
ما يراه البعض شفافاً
عند العارفين ركام من غبار
وما يراه العارفون منيراً
ليس بحضرة الحق إلاّ ستار
الأخلاق الحرة
كن حراً بحصن أخلاقٍ لا يكبّلها الملام
تكن كنسمة لطفٍ لا تعيقها ذروات ازدحام
حريّة الأخلاق صمديةٌ لا تعكّر صفوها الأوهام
محاسبة على سعة بحسابها تتضاعف الأرقام
سبعة فسبعمائة إلى سبعين ألفاً إلى أن تعجز الأقلام
فلو أن البحر مدادٌ لها لنضب قبل أن تُوضع الأختام
وما الحرّ غير مرآة على شاشاتها تُعرض الأفلام
فلولاه ما رُفع الغطاء ما أُزيل الستار عن الظلام
لولاه ما بُسطت الأرض ما ذُرأت بخيراتٍ للأنام
ما رُفعت السماء بعمدٍ ما انتفع الإنسان بالأنعام
لولاه ما أزكيت سحبٌ ما انهمر الماء من الغمام
لما برزت ليلى تُغني ما رقصت حرائر الأنغام
فبحقّ حرٍّ حِلّ قيدي واسقني صرف كاسات الغرام
التدبير أرهق كاهلي والاعتراض منع عني الانسجام
معترك ما بيني وبيني وطيس الوغى بأطراف الانقسام
فتعال كن ليلة قدري كاشفاً بالنور سُبل الانضمام
العبودية
في النفس كبر
يُزال بغل الرقاب والأيدي بالأصفاد
حصانٌ جامحٌ يُروّض بشدّ سيور اللجام واللبّاد
الذلّ داء وهو الدواء لتصنيف العناد
والعبد حرّ ما دام مثابراً لا يخلف الميعاد
العبد يطيع بطاعة يعلو فوق أعراف الجهاد
لو أطعته لأطاعك هكذا قال معصوم العباد
بأس الحديد يُلانُ ببأسه ليظل مشدود الزناد
والعود تحرقه فيفوح طيباً فالنار وقود تحقيق المراد
الأمان الآمن
تجوب تبحث في الأقطار تروم لقياها
وهي إلى جوارك تعجز أن تراها
أنت بعينها وضعتك في حدقاتها
وتدّعي أنت تدقيقاً فيغيب عنك سناها
لولاها ما حققت ذاتك هي من بناها
فيا مدّعي التحقيق أنت بعض ضياها
تكابر ترفع الصوت معترضاً صداها
وصوتك جاء منها فأنت قيد خفاها
ولقد رعتك طفلاً فيك ضاع صباها
فإذا شببت تجيء ترى كأنك من براها
الخير أن تصغي لما تسمع يردد فاها
فليس غير الحب منها يأتيك من جوّاها
تفرد جناحك تزهو تجافي طيب لماها
نسيت أنما أنت نبتٌ نما مرويّاً بسقياها
تقول أنا بطريقتي تريد أن تكون بلاها
ولولا محبتها لك
منها ما رضيت أن تكون سواها
الحق أنك فرد بقدرك أن تجعل هواك اله
وفي الحقيقة أبداً مهما بلغت لن تكون عداها
أنت ومالك حجةً بعضٌ من بعض أملاك لها
فكن عبداً بطاعتها تطعك تجعل لها منك إله
تنشد بصوتك تردد سر لحن خلودها
هي الكرم لا يفنى طول ما أنت عازف كما جوّاها
فاهجع لأحضانٍ يفيض الأمن من أكنافها
و السارحة العرجاء لابد تعود لمراحها
فاسرح في الحمى لا تبرح سياج ديارها
فإنك إن تفعل يُضنيك البحث عن أسرارها
إن تُسلم سلمت فاستلمت مفاتيح عقارها
وإن تطغى تتوه لتنتهي خاضعاً مقيّداً بعقالها
تُدرّجك تغضّ الطرف وذاك من حسناتها
فانعم بحسنٍ واسترف سلسبيل سلافها
الدين عند {الله} الإسلام
علمانية الدين
تنزيلٌ لغيبٍ من غيوبٍ خافياتٍ
انجلت وضح النهار
الإسلام سلامة الحيّ
تعبيراً عن كمال ما بين خمول وازدهار
الدين
آلية الوزن للتقلب صبراً وشكراً
نحو مبتدر الفخار
العندية قيومية الأمر كن فيكون
بين ما بين آنية الأقدار
التدين سعي
لسلامة التصريف حال الآن
بمقتضى الأفكار
الفكر صفة لمواقع العقل
عبر آجالٍ
تدور كاللولب الدوار
خطاب الغيب لا يفصح
إلا بقدر قدرة العقل
يستذكر منابع الأنهار
الذكر تطبيق لفكر كبلورة الرزاز
بلّوراً محدد الأقطار
كيف الكيف ممتنع إلا بطرف قطر الكمّ
من نوع واحد بلا أغيار
الوجود تواتر الكم في صور تختلف
كاختلاف الليل عن النهار
يتبع ( ليس كل ما يُعرف يُقال)
{وَ مَن أحسَنُ دِيناً مِّمَّن أَسلَمَ وجهَهُ لله وهُو مُحسِنٌ
واتَّبَعَ مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً}
سلسلة لسان العصر
في سبيل تكوين تجمع العصر لتعظيم سيد العصر
محمد بن عبد {الله}
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
كيان الأكوان
تقديم : يوسف هاشم محمد نجم
تـنويه
ورد على غلاف هذا الكتاب بأنه تقديم:-يوسف هاشم محمد نجم.نرجو التنويه بأن كلمة تقديم وردت بدلاً عن كلمة: ( تأليف ) أو (المؤلف ).ولقد قصدنا بإيراد كلمة ( تقديم ) بدلاً عن كلمة (تأليف ) أن نؤكد أن المؤلف الحقيقي هو { الله } وما نحن إلاّ أداة تقديم لإلهامات وردت على الخاطر من لدن العالم المعلّم الأول و الآخر :
{الله}
خالق كل شيء وهو الواحد القهّار.
ماذا نعني بتجمع العصر
الاسم :-
تجمع العصــــر لتعظيم سيد العصر
سيد العصر هو صاحب المقام المحمود عليه أعظم الصلاة وأتم السلام، هو الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، سلاماً وأمناً على ميزان المحبة والرحمة.و ليس للمقام المحمود من صاحب غير سيدنا وحبيبنا وغرّة أعيننا محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.و معنى تعظيمه هو أن نعمل على تمهيد طريق قدومه المنتظر.
ولقد طلب منا عليه أفضل الصلاة وأتم ألتسليم أن ندعو له عند وفي كل وقتٍ رُفع فيه النداء بالطلب لفتح أبواب السماء لتحقيق الصلة بالرب أن نقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاةالقائمة آتي محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
والوعد كان قد جاء هكذا :
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا }
[79 الإسراء]
المرشد:-
هو محمد بن عبد {الله}
النبي الأميّ المبعوث رحمة للعالمين كافة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأعضاء:
هم كافة العالمين من إنس وجن . الطفل والطفلة، الصبي والصبية، الشاب والشابة، الذكر والأنثى.المسلم، المسيحي،اليهودي، البوذي الهندوسي الزرادشتي، الكنفوسيوشي، الماركسي وجميع من هم بخلاف ذلك من أمة {الله} الذين وسعتهم رحمة الرحمن.
المقر:
في كل بقعة مباركة من أرض {الله} الواسعة
وفي قلب كل عبد من عبيد {الله} يسكنه الرب.
المركز الرئيسي:
يُشيّد أعظم مبنى بعد الكعبة المكرّمة والمسجد النبوي المشرّف والمسجد الأقصى المبارك على وجه الأرض في البقعة المباركة حيث التقى موسى العقل بالخضر القلب في مقرن النيلين في الخرطوم ليكون مركز الانطلاق لتعظيم النبي محمد بن عبد {الله} والدعوة لتطبيق منهاج السنة النبوية المشرفة.ثم بعد ذلك لاحقاً ليكون مقراً للحكومة العالمية، وبناء على ذلك يجهز هذا المبنى بحيث يلبي أغراض ذلك بصورة شاملة.هذا البنيان يجب أن يشمل استوديوهات للبث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات وقاعة مؤتمرات عالمية كبرى بالإضافة إلى المرافق الضرورية لخدمة العاملين.
الدستور:
هو قول النبي محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
(راجع كتابنا: دستور الإنسان المعاصر)
وعليه فإن هذا التجمع ليس بحزب سياسي ولا بطائفة دينية، ولا برابطة إقليمية.
شعار هذا التجمع:
قول {الله} تبارك وتعالى وقوله الحق المبين :
{ لا إكراه في الدّين قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
لا انفصام لها والله سميع عليم }
[256 البقرة]
آلية الدعوة:
{أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]
{اللهُ}
جلّ جلاله وتباركت أسماؤه
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[13 الأحقاف]
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة
ألاّ تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعدون}
[30فُصّلت]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
{ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
[9 النحل]
جفـاءُ المضـاجـع ليـس يـنـبئـك عـن شـغــف الـهـوى
وجلُ الجـلاء جـلالُ جـمال صـفـاء سـاعات الجوى
قد مضى عهد التّصابي و مقبل الأيّام رجعٌ للصّدى
{بسم الله الرحمن الرحيم}
إهداء هذا الديوان
إلى غرّة عين الحبيب
لم هذا الصدود وهذا الجلاء
بُعادك مَحَلَ الفلاة وحرّ الجوى
بلاكِ نكون محِلّ حلول البلاء
وقربك فيه تجلي جمال النهى
أتوق عناق الأديم بسبعٍ سواء
ليذهب عني بلاء البعاد وشرّ النوى
ألا فتعالي لنقبل نحو العلا
نكون الكون عليه الجمال انجلى
نعيد الصلات صلاة الصفاء
فنبني العروش لوقت حلول الضحى
نكافف رباً بكف كفاف الكفاء
نشاهد كيفاً كيف كفاه انكفى
أشاهد برقاً لموعاً بقعر قدور العناء
أتوجس خيفة من مكرٍ برد الطرف عليّ اعتلى
فجاءت تسعى تلوم فقلت الرضاء
عسى السعي يدوم بعد أن كان اختفى
سبّحتُ بالحمد والشكر لرب البهاء
تجددتُ وجداً فجُبّ عورٌ وعني انتهى
أناجي الحبيب بشغف التياع الفناء
يُبقيني قريباً فيُشفي عليلاً وشيك السهى
يرفرف طيري كعصفٍ زرته رياحٌ هباء
فألزم ركناً شديداً بناه شديد القوى
أراني فصيحاً بنظم أبيات إلهام الخباء
فأراود نفسي فتأبى لكشف نقاب النهى
كيان الأكوان
تعلّق قلبي مقاماً عالياً
قامت به السماوات والأرض
به المثل الأعلى موعود
به الأكوان كانت وكائنة تكون له كياناً
عرشاً شاهداً في كونٍ عددٍ معدود
وعدٌ صدقٌ من مريدٍ فريدٍ
هو الرّاد لا له مثل ولا الوعد منه بمردود
أمّة {الله} أمّته يتطلعون يوم شهوده
عاليهم قميصٌ من دبرٍ مقدود
فيا من إليك قيامتي أنا بك قائمٌ
أنت الحيّ القيوم لا إله إلاّ أنت
وأنت الشاهد المشهود
ويا من به تكون شهادتي يوم يقوم الأشهاد
كلٌّ منتظرٌ أن يشهد محمّداً بمقامٍ محمود
فأنت الأول أنت الآخر أنت الظاهر أنت الباطن
أنت الأحمد كدحاً منك إليك الكون يعود
عجلة استعجالٍ تعجّلنا نستبق إليك هلعاً
ولا نعالج إلا ما جُعل جُعلاً بكفك الممدود
محدودةً أطرافنا إن استكفت كفافاً كُفيت
وإن امتدت تطاولاً قُطعت بكافك المنضود
ربانٌ مستجدٌّ ما مخر عباب البحر بكلٍّ
كيف له منجداً يعيد إلى كنفٍ عبداً موجود
العبد الموجود لسيده ليس بعبدٍ عبّادٍ
فالسيد لا يرعى أغناماً بل ينظر عبداً مفقود
كون كيان الأكوان كان كينونة فتقٍ
وبمقامٍ محمودٍ يتكون كُلاًّ رتقاً منجود
الــعــقــل
آه يا قلبٌ رحّال في الأكوان
سوّاح بين كواكبها يستجدي الأوزان
يستعطف خزنتها مصباح الإيقان
قبساً من نورٍ لدفء الأبدان
أو شهابٍ قبسٍ لجمع الفرقان
و تناديه الأجرام أيا كون الأكوان
أنت المشكاة وفيك المصباح البيّان
أنت البرهان وتستجدي التبيان
ألقِ عصا الترحال هنا والآن
لك تفتح أبوابٌ في كنف العرفان
تشاهد معبوداً بعيون الإيقان
النوع واحد والاختلاف في المقدار
ما تغيّرت عما قال كلماتي
إنما الأسلوب جاء يروي عني حكاياتي
و ما قلت فيما قلته غير ما منه استقيته
وما الآبار إلا عيون بحرٍ واحدٍ عنه جاءت كتاباتي
في بحره بحارتي تُبحر تدفعها رياح عناية
وتجارتي بيع سلالٍ حبكتها أحلامٌ بين فرقاتي
***
إن أردت من القرآن فهماً
فانصبه على أعمدة الفرقان
فإذا أردت قطف ثماره
فانثره على نخلٍ تهزّها تأتيك بالبرهان
***
شأن الشيء
منذ أراك أرى وجهاً مألوفاً لا يكلف شيء
أرى الدنيا وقد جُمعت
فآلت لمن ليس كمثله شيء
فإن اتقيت ملكت
فأصبحت مالك نواصي كل شيء
وإن انتهيت بدأت
تسبر الأغوار لا يحجبك شيء
الوسيلة من جنس الغاية
عندما تطلب غاية ترجوها كريمة
توسل بالصدق لا تكذب
فالكرامة لا تأتيك إلا من كرام
وإن رمت أن تكون لبيتك رباً
فالعبودية رسنٌ للرواحل والزمام
القاف ليس غافياً
يجمع البرد أشتاتاً والصيف عمدة أفرع التفريق
فكن أنت ولا تبالي فمثابرٌ ينال شهادة التحقيق
الورع يُبقيك فزِعاً من انحرافٍ عن جادة أروقة الطريق
فكن يقظاً لكي ترى فالمشتتٌ أعمى عن التدقيق
الويل ثم الويل لمن ادّعى رؤية لمع أطياف البريق
فما الداعي إلا واحدٌ تبرأ عن مشاركة الشقيق
الشرك أن تراك مهيمناً و الأنا منك حجراً من عقيق
فما الكريم إلا واحدٌ إن رمته تتخلى يحليك بالتفويق
السير على الطريق مسافراً يُوجب صاحباً و رفيق
فالقاف ليس غافياً هو الميس لمن خُصّ بالتحليق
وما الكون إلا صورةً كصوت البوق نجم عن تبويق
فالنافخ واحدٌ و الصور أنت فكيف أنك لا تفيق
عندما فتر الدعاء
فتر الدعاء وحجب الغمام ما تحت جدار القرون
وحيرة صالت وجالت تحاول عبثاً فكّ حصار الظنون
أخاف انتهاء السعاة للاشيء عند حلول رسول المنون
وأخشى غياب الفجر بعدم انبلاج سليل أضواء الفنون
أشكّ إخلاص خليلٍ توارى تحت طيّات أوهامٍ جنون
أتوجّس مكراً يحيق بأهلي أظل معلّق ما بين المكون
أتساءل فأُسأل عتاد وعُدّة جهاد جوادٍ ما بين المتون
يفرّ الكلام فيخبو شعاع الشعور والحزن يغطّي السكون
كتابٌ مفرّق تفاريق جنودٍ ما حال مالٌ عنها وما أفسدها البنون
فيا ليت شعري أين يكون الخفاء ومتى يتجلّى الكمون
فترات فتورٍ تمرّ علينا نكون كخُشُبٍ تسندها الوهون
نهيم بوادٍ غفرٍ نتوهم ظناً بأنا نقيم والحال جنوحاً فتون
كيف تُضرب الأمثال
النونُ ألفٌ تلولب على نقطة باب مكنون الخفاء
محبوبُ محبٍ لوّعه السّكونُ واشتدّ عليه الجفاء
وجاء القلم يبثُّ الشوق حبيباً كتب عليه الفناء
فما هو غيرٌ ما هو إلا رحلاً عليه توالى العطاء
فكيف أنك تشكو اعتلالاً ولملتاعٍ أنت جُعلت الشفاء
فإنك أنت الحبيب لعرسك أنت نُصب الجلالُ خِباء
خِلال العروس التورّد فرحاً قريباً يُطرح عنها الكساء
ثوب الفناء أسمالٌ تزول و يبق الوهجُ مضيئاً عند اللقاء
تلك أمثال ضُربت لكيف أن الظهور عروس النقاء
فالنور عروساً لضوءٍ كمثل ما كانت لآدم عروساً حواء
تضيق بحالٍ تحسبه ابتلاءً وهو في الحق اجتباء
فلولاه ما حنّ قلبٌ ما عن فؤادٍ أزيل الغطاء
تحسب أنك بعيداً أُلقيت قعيداً في جُبّ العناء
تكابد وهماً تراه سراباً وأنت العين تفجّر ماء
تتوجس خِيفة تروم ضمان دوام هناءٍ بعد الشقاء
وأنت بما أنت فيه قصيدةُ عشقٍ من نظم الصفاء
تتطلّب نوال البِرِّ وأنت بالبَرِّ ممسك لجام اعتلاء
فتغرق في بحر الظنون وليس اللجام إلا هباء
فاتبع الحادي تبلغ وطناً جُعل بالأرض كما بالسماء
تلاقي حبيباً تحسبه بعيداً وما كان إلاّ زوال ادّعاء
أقم الصلاة عسى أن تُبعث مقاماً فريد الطلاء
تشهد الرّبّ فيك عياناً بياناً وذاك اصطفاء
الكون أنت والآفاق رفرفة أعلام نسيج البهاء
يُشيرُ إليك كفاحاً فأنت السّرُّ وأنت ذبيح الفداء
فيا عينُ صحواً لنشهد سوياً كسر صليب استواء
ونبحر ببحر المعيّة لا نتلفّت ولا عن الحق يكون التواء
ويا أُذنُ أصغي تراتيل قدسٍ ألحان قلوبٍ طهرها الدعاء
نسمع ذكراً نصطنت لفكرٍ عمار عقولٍ جوّلها القضاء
طفل تائه
طفلٌ تاه بمقبرة
يبعثر أكواماً يبحث عن عنوان
يتجول بين الأجداث على أمل
فلا يجد أنيساً غير أعمدة الصلبان
سأل الصلبان دليلاً
أين تكون نافذة الوجدان ؟
فضحكت تسخر منه وقالت
نحن رموز الفقدان
فخير لك أن تخرج
و إلاّ فستنعق معنا كالغربان
فاحتار الطفل التائه وتلفت
يفتقد لمحة برقٍ للغفران
واستدار ليرجع يتعقب أثراً
لأعقابٍ أتلفها الدوران
فبكى محترقاً بدموعٍ
انهالت حتى ماجت كالطوفان
فصار ينادي نوحاً
أن خذني لوحاً لتمام البنيان
أو اجعل مني صاري
عليه تشد أشرعة الهجران
فما وجد جواباً غير نداء
أن ألزم دائرة الخلان
فما لك من مخرجٍ إلاّ
أن تسلو مدن الأحزان
مدنٌ الخل فيها بشوشاً
وبباطنه كيد خوّان
لا تكاد تأمنه تقاربه
فتجده ذئباً في جلد الحملان
فكيف لنا أن نتخطى هذا الغبن
ليعود الطفل إلى الأحضان
ومتى يأتي الرجل الساعة
يستخرج مقبوراً تحت الجدران
فيحل سلامٌ بداخلنا
وتدق الأجراس مصاحبة الآذان
ويكون لكلٍ منا شراع
به يبحر ليجد العنوان
كنز الفقد
يحترق الوجدان أسى
على ما حلّ بالأبدان
فيرتد الطرف خاسئاً
متحسّراً لا يميز الألوان
وانبعثت الضغائن تستعلي
مرتفعاً شامخ البنيان
والرواحل كلّت تروح وتغدوا
و النوم لا يراود الأجفان
الليل يبدو ساكناً
و فيه ما فيه ثورة الغليان
و نهارٌ قصير لا يلبث
حتى يولي دونما تبيان
ولا يُقبل الوقت إلا مدبراً
وكأن بالأدبار مس الجان
فيا ساكن برج العافيات
تدلى قبل أن عليك يتهدمان
ويا قاطن جحر الجافيات تجلى
قد جُعلت الجحور للفئران
فاعتصم بلا إلا عادلاً
تعتدل من حولك الأوزان
ويا غائب الوعي انتبه
فالسكون بوادر الفوران
لن يغنيك ما تملك فانياً
فكنز الكسب في الفقدان
هو الفضل
تفضّل فاضل ليس الفضل منه بمنّة
وليس تفضّلٌ
إذ أنه هو الفضل نفسه
والتفضّل ريحه وسماته
يأتيك منه سذاجة وطلاقة
الشمس ضياءه
والقمر نوره
وعدّد
فلا حصر لأسمائه وصفاته
فهو هو بكلّه
فانعم به فضلاً يجيء بلا عناء
وترفّه فالفضل كنز لا يُطاوله الفناء
رجع الصدى
ألا يا رجـع الصـّدى العـائد فانياً صـوب الخـفاء
الرّكـب يـجدّ السـير إلى الأمام يسرع في الـخطى
يشتـاق إلي الوصـول نهايـات الـطـريق المرتـقى
يجـهل أنّ الطريـق لوالـب يـعـود بـه حيث ابتدأ
فالـركب حـقـيقـة ليس مسافرا بل عائد نحو الوراء
والعـمـر يـنـقـص لا يزيد يعمّر فهو تنكيس وفناء
أول الخـلـق كـما بـدأ وعـداً يعود عوداّ كالصّدى
الـحـنـيـن
آه يا قلبٌ يشتـاق لإطلاق الأبديّة
يـحنّ لموطنه حيث الأملاك العلويّة
يـتـوق لمحبوب لا جنّ ولا إنسيّة
يـرجـو إتمام لقاء في اللحظة الآنيّة
بمواطئ أقدام الـرّوح القدس الأزليّة
يمنّـي النـّفس فيوضاً وعلوماً لدنيّة
يـكـدح مصحـوباً بسلامٍ في النيّة
يشارف أعتـاب القـدس المخفيـّة
ويـسـجـد مرضيّاً مهديّ الطّـويّة
يشاهد طلـعة محبوبٍ وجداً بلا كيفيّة
ألا ليت مقاماً
أحضان الإطلاق الأبديّة
سوح العرفان
آه يا قلبٌ يهوى سـوح العرفـان
يـتـطـلّع مشتـاق لمراقي الوجدان
والكلم الطيّب يستهدي لبلوغ الأركان
و صّـلاة يتوسل مّرقاةً لقطوف الأفنان
مـطيـّة تـرحـالٍ بين شعاب الفرقان
تـراوده مـلهمة سرّاً بين الجدران
يـستلهم برهاناً يهديّه لباب الإحسان
وغلام يرهقه طغياناً يسمعه عذب الألحان
فـيـنادي خضراً يخرجه عن بحر الألوان
يـهـدّ جداراً يستخرج كـنز العرفان
آه مـن قـلـبٍ يستحمي نـار الإيقان
لؤلؤة الأعماق
آه يا قلبٌ يـشـتاق إلي السّبحان
إلي لؤلؤة الأعماق ينبئ عنها الوجدان
إلي كنزٍ من قدمٍ تحت جدار الأزمـان
إلي شمس احتجبت خلف ظلال الأبدان
تـهتزّ جوانح مشتاق أثقله ليل الحرمان
تـثـور كوامنه تترقب فجر الإيقان
تـحرّض مجمعها أن فك عقال الإنسان
تـبتهل لمولاها تتضرّع خاشعة الأوزان
ألا00 فـرّج كربا أضنى كاهل أبدان
أجـمـع أشـتاتا فرّقها طيف الألوان
أصـرف عـنّا إصراً قرّح منّا الأجفان
و تجلّى يا حبيبٌ أجلي عنّا الأحزان
حــيـرة
آه .. مـن قـلـبٍ مـحـتــار
الحـيـرة مـطبـقةٌ .. و ليس ثمّ خيار
الـغـيبُ بداخـله خـلف الأسـتار
والحـزن يـعـمـّيّه عن فـرح الأنوار
الـعـيـن مسـهّدة في لـيل الأغـيار
والـسـّمـع تـلهيه عن صنط الأذكار
و فـؤاد تـهـتزّ جوانحه لسماع الأخبار
والعـقـل رحالا يتوسم قبساً من نار
الحــيرة مـطـبقة كظـلام الأسحار
والقلـب مراكبه تتحاشى الإبحار
وبحّار خوفاً يتردد
فـالـبـحـر .. لآلئه في سرّ الأسرار
سفينة الإلـهـام
آه يا قلبُ سفينته إلـهام الرّحـمـن
يحاول عـبـثـاُ خرق جدار الأزمـان
مـخـر عـُباب الّلـوم حتّى أضنى الأبدان
استشرف بحراً ملهم والشطّ بعيـد طمآن
مسكينا يا قلبُ ريـاح البحر لها وجهان
تسوق ســفينته طوراً وطور ترتدّ بلا برهان
مسكين يا قلبٌ ركب سفائن أغيار الزمكان
وحـوريـّات الـبـحر كأطياف الحيـتان
لبّ الـقـلب مشـدود لمراسي الأوطـان
فيا ريـاح الـرجاء هـُبّي هـنـا والآن
يـلاقـي الـقـلب بغيته في كـنف الدّيّان
وتوصـله سفينته إلى الشّطّ السعيـد الطمآن
حــرمــان
آه من قلبٍ أضناه الحرمان
فالرّين يغطيه بمكتسب الأبدان
الجوهر محجوب و كذاك المرجان
فالبحر لآلئه في صدف القيعان
القلبُ مراكبه في لجّ الدركان
فآه وآه يا قلبٌ يتمنّى الوجدان
ألا يا قلبُ لا تيئس من فيض الرحمن
فالذّنب يقايضه بروح الرّيحان
سرّك محفوظ في طيّ الكتمان
الذّكر مراجله تجلي الأبدان
والوجد معارجه في سرّ الحرمان
حـصـر الـشّـرود
آه يا قلبُ علام هذا الجمود إلام تظلّ قعيداً رهن القيود
ألم يأنِ بعد ميقات الشهـود فالبحر محدود خلف السّدود
الرّحل فيه برهان الورود وبالكلم ترقى مراقي الصّعود
العمل يصلحه حصـر الشّـرود والعلم مرهون بإصدار الجنود
الظل مأوى لخيـر الودود والذّلُّ مفتاح لبـاب الوجـود
ستأتي إليك تدعوك رياح السّجود
لتجزيك عصاك لإطلاق الجمود
كـــن حـــوتــاً
آه يا قلبُ من هذا الخفقان
دءوبا ً تسعى في شعب الوديـان
بين النّخلة و السدرة تفاضل تائه حيـران
فلم يا قلبُ هذا التوهان
عرّس بظلال النّخل مأوى الحيتان
وهزّ الجزع تتحقّق بسلاف الإيقان
وتعلّق بالسّدرة يغشاك جلال الرحمن
وأبحر منفرداً لا تخشى الحيتان
بل كن حوتاً تتدلّى للأدنى بأمان
وشراعك أشرعه والأشرعة ألوان
وراية استسلام أرفعها تتفادى التوهان
الـوجــد فـي الـفـقـد
أي قريني كفّ عني وساوس وسوسة الأجنان
وهيّا نتعاون نتبين هدي الرحمن
لا نترك أوراداً توردنا ماءً بمدائن تنضح عرفان
ولنرفع أشرعة السير طوع الديّان
هيّا أقبل لا تدبر لا نخشى كائن من كان
ولنبحر منّا لنعود إلينا وصولاً للآن
قل أو افعل فالمعنى سيّان
لا تخرق زورقنا فالعيب في الأبدان
أترك دفّته الشوق يوجّهه نحو الأوطان
واسترخي يا خلّي فالموج نهايته الشطان
وأذعن لمشيئته فالعبد عبادته الإذعان
ولتلقي أثقالك فالترك استحواذ الإيقان
والفقد حقيقته آية آيات الوجدان
الـمـــآل: هـــنـا
المآل هنا ليس ما قد كان أو ما سيكون
هنا والآن حقيقة الأمر كن فيكون
و الآن مآل العبد في ترحاله بين الظنون
جمالٌ وجلالٌ والحبّ ميزان الفنون
حلال ما أنت فيه ما دمت للحب تصون
لا حرام في الدنا فالأصل حلٌّ وحنون
لا تجاهد فيما سيأتي كلّ شيء في المكون
بل تفكّر وتذكّر تخترق حجب الجنون
سترى ما أنت فيه محض خير لا فتون
حــيـاة الإنـسـان
كـدوام الـزّبـد عـلى الأمـواج
كـذاك تـدوم حـياة الإنسـان
هـذا المولود الفاني طـرفة عـين
يتّسع لأسرار جمـيع الأكـوان
دخل عليها دون إرادته
ضيفاً وله في ذاك أوان
ومنها يخرج دون إرادته
رحّال في سيرته بين الأكوان
وجودٌ دوّارٌ بمدار لولب
يعود لمبدأ خلق الأزمان
يتفكّر في الآفاق يتذكّر
يحاول كشف السّرّ لتركيب الألوان
كيف يأتي مّن لّم يسافر!
ماذا تكتب ماذا تقرأ كم عمر الإنسان؟!
أتكتب أشعاراً تطيل حياتك عبر الأزمان!
تموت و أحياناً تحيّ والدّهر عرش السلطان
وتسافر مفتقداً ذاتك ولا تجني غير التوهان
فاصبر وما صبرك إلاّ مفتاح مغاليق البرهان
سيأتي لا بل قد أتى وعنه أنت الغفلان
ما كان وما يكون الآن كائن فاترك هذا الزّوغان
إلزم هذا الحاضر أخلع عنك ثياب العرفان
كيف يأتي مّن لّم يسافر؟ وهذا عين التبيان
فهو الآن حاضر فاحصر حلقات الوجدان
لا تك في الآفاق ناظر فأنت آية آيات الزمكان
والأنت كفر فامحها وسارع في طلب الغفران
فيا من على الدوام حاضر غيّبني فـي لحظـة فقدان
فالوجد في الفقد وعليك أنت التّكلان
وأشرقت الأرض
أهيم بواد لا تغيب عنه شمسه
و أمواه بها تُشفي كماء زمزم للسقيم
سبعٌ فسبع ينمو ويكمل بدره
والثمر موزون على صّراط مستقيم
البدر كالشمس صار اكتماله
والأرض أشرقت بالنور فلا عتيم
هواء كطيب المسك رقّ نسيمه
والشاة تستأمن السبع صغاراً من بهيم
على ميم من جئنا وجاءوا صوبه
نروم مضارب النون وبالرحب به نقيم
الماء كماء مدين عذب أُحلّ شرابه
وعيون موسى فُجّرت تسقي الأديم
يسافر بالخواطر والرواحل فكره
تبع العليم فصار برحله علم العليم
صـمـّام الأمـان
أطّلعت الغيب
أم أنها سياحات بأفكارٍ
عانقت أقصى الفضاء
أو قد أخذت العهد
فتباطأت رواحل الكدح عن سير العناء
أم أمنت المكر
لا فهذه لا
حتى لو عانقت أعطاف الصفاء
فلا تقم وزناً لأحوالٍ
فالمقام هناك أخفى خلف أغوار الخفاء
أنا لم أقل بالقطع لا
فالبشير جاء
ليلحق الأرض أسباب السماء
بل رويدك قد قلت مهلاً
فالتطاول يرديك نثراً كالهباء
الحزن أولى و الخوف صمام الأمان
زواله كشف الغطاء
وبما أتاك فافرح واقتصد
فالتأرجح مفتاح مصراع العماء
إن نار الوجد برد
فتدثر وتزمّل يحترق ران الجفاء
فالبرق نورٌ ضوء نارٍ
من غمام أزكيت والأصل ماء
والبراق طرف عين يُسَلُّ عنك
وإليك يُفضي مكنون أقدار القضاء
يستأنس الضوء بنوره
كذاك الأمر بدءاً هو حال الأصفياء
جبريل روح والرّوحُ رَوْحاً
لريحانة نبتت بأرض الأنبياء
سبحانك اللهم أرجو
مقعد صدقٍٍ ليس مشوباً بادّعاء
فالحمد والشكر منك تفضلاً
ولك الفضل حقّاً لا رياء
كـيـف
كيف تصبو للأعالي
والدنايا طوق قيدٍ للحضيض
كيف تخترق الخفايا
والقيوم تراكمت من غير برقٍ أو وميض
كيف هذا كيف ذاك
والكيف مجهولٌ عضال بل عضيض
كيف للإبصار يُجلى
والدمع حجرٌ في المحاجر لا يفيض
كيف للأجساد ترقى
والظلال كثيفة وليس للعِرْقِ نبيض
كيف هذا كيف ذاك
كيف للماء فوق الرمل يعلو لا يغيض
كيف للأفكار تولد
والعقل عاقر والرحم يأبى أن يحيض
كيف هذي النفس تصفو
تتسامى ثم تسفل للبغيض
كيف يُسبر غور الكيف هذا
كيف أنّ الكلّ مكنون في البعيض
كيف هذا كيف ذاك
كيف الفرار من النقيض إلى القضيض
الـغـيــب
كل ما هو كائن أو ما يكون
إنما كان في الماضي السحيب
لا تحسبنّ الغيب يأتي
إنّما الغيب كُن وما كان إلاّ أن يجيب
لا تعلمون ما علمت عتيداً
لا ولا ما علّمني الرقيب
ما هو آتٍ أو ما سيأتي كان فعلاً
رأي عين يراه من كان لبيب
{الله}كلّ العقل
والعقل مفتاح ذاك الغيب
والغيب لبّ القلب
إليه بالتفريد يعود من كان حسيب
الـقـلـب و الـعـقـل
هل ب{الله} عليك
عرفت قبلاً واحدة جلست
لأنها ما عرفت
أن تدقّ مسماراً في جدار
أو أنّها جلست لأنّها ما عرفت
أن تعزق الجزع
من نخلة صدأت بفأس من نضار
الـلـولـب الـكـبـيـر
الدار هذه سكانها حريم من حرير
الصراع بينهن يدور وهذه الحياة لولب كبير
حلقاته لوالب صغيرة تدور
ودرجاتها هي الأخرى لوالب تدور
فالكل دائر كدورة اللولب الكبير
والصراع دائم في هذه الحياة مستمر
كلما صعدت درجة وأنت في الترقي مستمر
ترى الصراع لا يطاق والطعم مر
الحيوان والحيتان في صراع كذاك الأوادم في صراع
فسبحان من جعل الحياة صراع مزدجر
المؤمنون المحسنون الموقنون كلهم جزاع من عواقب دوائر الصراع
كل هذه الحياة لولب يدور بالصراع وليس ثم مفر
والدار هذه موجودة في حيّنا القديم والسكان كلهم حريم
أسماء ، سميّة ، سلمى كذاك ليلى و ريم
عاشقات لبسن للفتى الوسيم ثياباً من حرير
الصراع بينهن شديد على الفتى الفريد وهو العنيد لا يحيد
يشاهد الصراع من بعيد ويقول سبحان من بدأ يعيد
أن ليس ثم في الأيام من جديد ولا ثم من تكرير
اليوم هذا أوّل الحصاد فالأرض مزروعة بلا سماد
زراعة يعمّ خيرها كل العباد موعودة بأنّها أرض المعاد
وريعها يجزى به السيد الوحيد للبلاد
كفاحاً أو بأيد يجري بها التمرير
شـهـادة الـطـيـن
تتراءى خيالات الظلام مناظرا
تجبر القلب على الأنين
ويُفعم اللبّ خوفاً
يخشى عواقبها فيطأطئ الرأس الحزين
أُسائلهم فيحتارون رداً
أو لم تكونوا حينها بالجانب حاضرين
قالوا ليس بأيدينا
وسل الطين يشهد أنّا كنّا غائبين
ويشهد الطين عند سؤاله بقوله نعم
وقد جُوزيت فما بال ذاكرة الخائفين
فقلنا نخشى ربما ما كان الجزاء بقدر ما كان جرم الخائنين
قال الجزاء كنت فوراً كذاك قال خير القائلين
ألم يقل من يفعل مثقال ذرّة يرى مقابل فعله في كل حين
هذا يريح غير أنّا نظل نخشى مكره
وبقوله هو خير الماكرين
دع عنك هذا ألم يقل لا تقنطوا
أنا الغفّار لجميع ذنوب العالمين
بلى قد قال آمنّا بذلك لكن
ليطمئنّ القلب لا بدّ من بعض اليقين
يقولون قد ثُبنا ولكننا نخشى
أن الطين يعاوده لأصله المسنون الحنين
روحــــي
أشيخ وتبقين يا روحي كما أنت
فمن و ما و كيف أنت ومن أين أنت أتيت
أمن ألست أنت أم أنت قبل ذاك خلقت
أبعضٌ أنا منك أم معبراً أنت عليه سلكت
أواحدة أنت والخلق عيوناً بها أنت نظرت
أم أنت كأنفاس الخلائق عدّة قد تعددت
الأول ظاهر والباطن واحد فأين بين البين أنت
و النفس ما أدراك ما هي أنت أم أنها نقيض ما أدركت
وهي سبعاً درجاتها أ فسبعٍ كذلك أنت
و الجسد سبعاً نحو الرفاعة يسمو
حتى يكون كأنّه أنت !
فما بال العقول عقال
والفؤاد للقلب باب لولوجك أنت
رأي العين
قم بنا يا صاح نسعى قد مضى عهد السكون
إن أردت العلم فاخرق حاجز الوهم الظنون
حائط الأحلام غيوم من ظنون شاده العقل الفتون
هُد الجدار و لا تبالي فخلفه كنز المعارف و الفنون
آن الأوان لفتيةٍ رشدوا أن يخرجوا العرق المصون
التثنّي رحمة و الرشد تفريد و الكنز شهود بالعيون !
معول الفكر عصا موسى فألقه تحتكم كلّ ما هم يأفكون
قصورٌ من معانٍ زيّنت بكهاريب أنوار الحجون
و عبيدٌ من مثاني سٌخرت طوع أمر ولاة منتهون
كلّ ما قد قيل ظنٌ و ما دون المثل جهلٌ قد فُضح العارفون
أينما نظرت
إن كانت عيني لا ترى
فأينما نظرت لا أرى إلاك
ولست مضطرا لأخرج عني
حين أن يكون روم لقاك
أنا جملة الأكوان هنا
وليس هناك غيري من يكون حماك
فدائرة الوجود كأنها أو تكون أنا
ولست موجودا بها بدون رضاك
محراب الاعتكاف
دير الاعتكاف
على مذابحه رقصت غانيات ملاح
وتهتك الرهبان
تجردوا عن كل موال تغنى به الملاح
على بحرٍ تلاطم موجه
يتقاذف حوتا كريشة في مهب رياح
والحوت سعيد سابح
أينما تأخذه على الأمواج ساطيات الرياح
نار الوجد
لا تنساب نقاطي دوافعٌ
إلا إن تسعّر القلب بنار الوجد
واهتزت لذاك الأضالع
ويشتد بي الجوى فأناجي من جواني تذللا
حتى تفيض عن محاجرها المدامع
فيقرع طبلي وتنساب ألحان مزامري
وتدوي دقات الفؤاد كضرب المدافع
ويقام عرسي فأزف لمهجتي
فأرفع عن وجه المليح البراقع
أنا
أنا فعلت أنا تركت تقول توهما
لا للأنا شأن بما قد كان وقد جرى
أناك لا وجود كمّاً وكيفاً لها
إنما هي النون القديم الذي خلف الورى
فلا تنسبن فضلاً لأناك لأنها وهم
خطراتها مرسومة من قبل عينك تعترف الكرى
تلك شريعة بالحق تجيء مشروعة
حتى لا تميد أناك تتبع الهوى
وفي الحقيقة ليس في الكون حرفاً يُقال على الهواء
إلا وهو مرهون بالهوى
وما الوجود إلا تباريح شوق محب لمحبوب
بعهد قديم على الهوى
ستار الأنوار
فيما بيني والظواهر أختلي
وكأني العابد المغوار
وأراني بين البين مدّعياً
يتشوّف الأغيار
أقوم قائماً متفرعناً
وخليلتي مكشوفة الأستار
فأعتلي متفاخراً
صرحاً بجنانٍ من تحتها الأنهار
فإذ ما أدبر الليل
وأزيل الستار عن النهار
أقبلت أتلذذ
ما بظني يُرى عليّ من أنوار
ومن بين الشعاب خليلي ينادي
بأن ذلك عار
فأحتمي لطفاً لا ولن ألقاه إلا
بهدّ أركان الجدار
فأحتار كيف يكون هذا
وكيف لهذا الجدار أن ينهار
يناديني الحبيب بلطفٍ
من داخل حضرة المختار
أن لا مفازة لك إلا
أن تداوم بحضرة استغفار
ما يراه البعض شفافاً
عند العارفين ركام من غبار
وما يراه العارفون منيراً
ليس بحضرة الحق إلاّ ستار
الأخلاق الحرة
كن حراً بحصن أخلاقٍ لا يكبّلها الملام
تكن كنسمة لطفٍ لا تعيقها ذروات ازدحام
حريّة الأخلاق صمديةٌ لا تعكّر صفوها الأوهام
محاسبة على سعة بحسابها تتضاعف الأرقام
سبعة فسبعمائة إلى سبعين ألفاً إلى أن تعجز الأقلام
فلو أن البحر مدادٌ لها لنضب قبل أن تُوضع الأختام
وما الحرّ غير مرآة على شاشاتها تُعرض الأفلام
فلولاه ما رُفع الغطاء ما أُزيل الستار عن الظلام
لولاه ما بُسطت الأرض ما ذُرأت بخيراتٍ للأنام
ما رُفعت السماء بعمدٍ ما انتفع الإنسان بالأنعام
لولاه ما أزكيت سحبٌ ما انهمر الماء من الغمام
لما برزت ليلى تُغني ما رقصت حرائر الأنغام
فبحقّ حرٍّ حِلّ قيدي واسقني صرف كاسات الغرام
التدبير أرهق كاهلي والاعتراض منع عني الانسجام
معترك ما بيني وبيني وطيس الوغى بأطراف الانقسام
فتعال كن ليلة قدري كاشفاً بالنور سُبل الانضمام
العبودية
في النفس كبر
يُزال بغل الرقاب والأيدي بالأصفاد
حصانٌ جامحٌ يُروّض بشدّ سيور اللجام واللبّاد
الذلّ داء وهو الدواء لتصنيف العناد
والعبد حرّ ما دام مثابراً لا يخلف الميعاد
العبد يطيع بطاعة يعلو فوق أعراف الجهاد
لو أطعته لأطاعك هكذا قال معصوم العباد
بأس الحديد يُلانُ ببأسه ليظل مشدود الزناد
والعود تحرقه فيفوح طيباً فالنار وقود تحقيق المراد
الأمان الآمن
تجوب تبحث في الأقطار تروم لقياها
وهي إلى جوارك تعجز أن تراها
أنت بعينها وضعتك في حدقاتها
وتدّعي أنت تدقيقاً فيغيب عنك سناها
لولاها ما حققت ذاتك هي من بناها
فيا مدّعي التحقيق أنت بعض ضياها
تكابر ترفع الصوت معترضاً صداها
وصوتك جاء منها فأنت قيد خفاها
ولقد رعتك طفلاً فيك ضاع صباها
فإذا شببت تجيء ترى كأنك من براها
الخير أن تصغي لما تسمع يردد فاها
فليس غير الحب منها يأتيك من جوّاها
تفرد جناحك تزهو تجافي طيب لماها
نسيت أنما أنت نبتٌ نما مرويّاً بسقياها
تقول أنا بطريقتي تريد أن تكون بلاها
ولولا محبتها لك
منها ما رضيت أن تكون سواها
الحق أنك فرد بقدرك أن تجعل هواك اله
وفي الحقيقة أبداً مهما بلغت لن تكون عداها
أنت ومالك حجةً بعضٌ من بعض أملاك لها
فكن عبداً بطاعتها تطعك تجعل لها منك إله
تنشد بصوتك تردد سر لحن خلودها
هي الكرم لا يفنى طول ما أنت عازف كما جوّاها
فاهجع لأحضانٍ يفيض الأمن من أكنافها
و السارحة العرجاء لابد تعود لمراحها
فاسرح في الحمى لا تبرح سياج ديارها
فإنك إن تفعل يُضنيك البحث عن أسرارها
إن تُسلم سلمت فاستلمت مفاتيح عقارها
وإن تطغى تتوه لتنتهي خاضعاً مقيّداً بعقالها
تُدرّجك تغضّ الطرف وذاك من حسناتها
فانعم بحسنٍ واسترف سلسبيل سلافها
الدين عند {الله} الإسلام
علمانية الدين
تنزيلٌ لغيبٍ من غيوبٍ خافياتٍ
انجلت وضح النهار
الإسلام سلامة الحيّ
تعبيراً عن كمال ما بين خمول وازدهار
الدين
آلية الوزن للتقلب صبراً وشكراً
نحو مبتدر الفخار
العندية قيومية الأمر كن فيكون
بين ما بين آنية الأقدار
التدين سعي
لسلامة التصريف حال الآن
بمقتضى الأفكار
الفكر صفة لمواقع العقل
عبر آجالٍ
تدور كاللولب الدوار
خطاب الغيب لا يفصح
إلا بقدر قدرة العقل
يستذكر منابع الأنهار
الذكر تطبيق لفكر كبلورة الرزاز
بلّوراً محدد الأقطار
كيف الكيف ممتنع إلا بطرف قطر الكمّ
من نوع واحد بلا أغيار
الوجود تواتر الكم في صور تختلف
كاختلاف الليل عن النهار
يتبع ( ليس كل ما يُعرف يُقال)