لســــان العصــــر
{وَ مَن أحسَنُ دِيناً مِّمَّن أَسلَمَ وجهَهُ لله وهُو مُحسِنٌ
واتَّبَعَ مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً}
سلسلة لسان العصر
في سبيل تكوين تجمع العصر لتعظيم سيد العصر
محمد بن عبد {الله}
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
جمع الجمع واحد
تقديم : يوسف هاشم محمد نجم
تـنويه
ورد على غلاف هذا الكتاب بأنه تقديم:-يوسف هاشم محمد نجم .نرجو التنويه بأن كلمة تقديم وردت بدلاً عن كلمة: ( تأليف ) أو (المؤلف ).ولقد قصدنا بإيراد كلمة ( تقديم ) بدلاً عن كلمة (تأليف ) أن نؤكد أن المؤلف الحقيقي هو { الله } وما نحن إلاّ أداة تقديم لإلهامات وردت على الخاطر من لدن العالم المعلّم الأول والآخر :
{الله}
خالق كل شيء وهو الواحد القهّار.
ماذا نعني بتجمع العصر
الاسم :-
تجمع العصــــر لتعظيم سيد العصر
سيد العصر هو صاحب المقام المحمود عليه أعظم الصلاة وأتم السلام، هو الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، سلاماً وأمناً على ميزان المحبة والرحمة.و ليس للمقام المحمود من صاحب غير سيدنا وحبيبنا وغرّة أعيننا محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.و معنى تعظيمه هو أن نعمل على تمهيد طريق قدومه المنتظر.
ولقد طلب منا عليه أفضل الصلاة وأتم ألتسليم أن ندعو له عند وفي كل وقتٍ رُفع فيه النداء بالطلب لفتح أبواب السماء لتحقيق الصلة بالرب أن نقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاةالقائمة آتي محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
والوعد كان قد جاء هكذا :
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا }
[79 الإسراء]
المرشد:-
هو محمد بن عبد {الله}
النبي الأميّ المبعوث رحمة للعالمين كافة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأعضاء:
هم كافة العالمين من إنس وجن . الطفل والطفلة، الصبي والصبية، الشاب والشابة، الذكر والأنثى.المسلم، المسيحي،اليهودي، البوذي الهندوسي الزرادشتي، الكنفوسيوشي، الماركسي وجميع من هم بخلاف ذلك من أمة {الله} الذين وسعتهم رحمة الرحمن.
المقر:
في كل بقعة مباركة من أرض {الله} الواسعة
وفي قلب كل عبد من عبيد {الله} يسكنه الرب.
المركز الرئيسي:
ُيشيّد أعظم مبنى بعد الكعبة المكرّمة والمسجد النبوي المشرّف والمسجد الأقصى المبارك على وجه الأرض في البقعة المباركة حيث التقى موسى العقل بالخضر القلب في مقرن النيلين في الخرطوم ليكون مركز الانطلاق لتعظيم النبي محمد بن عبد {الله} والدعوة لتطبيق منهاج السنة النبوية المشرفة.ثم بعد ذلك لاحقاً ليكون مقراً للحكومة العالمية، وبناء على ذلك يجهز هذا المبنى بحيث يلبي أغراض ذلك بصورة شاملة.هذا البنيان يجب أن يشمل استوديوهات للبث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات وقاعة مؤتمرات عالمية كبرى بالإضافة إلى المرافق الضرورية لخدمة العاملين.
الدستور:
هو قول النبي محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
(راجع كتابنا: دستور الإنسان المعاصر)
وعليه فإن هذا التجمع ليس بحزب سياسي ولا بطائفة دينية، ولا برابطة إقليمية.
شعار هذا التجمع:
قول {الله} تبارك وتعالى وقوله الحق المبين :
{ لا إكراه في الدّين قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
لا انفصام لها والله سميع عليم }
[256 البقرة]
آلية الدعوة:
{أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]
{اللهُ}
جلّ جلاله وتباركت أسماؤه
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[13 الأحقاف]
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة
ألاّ تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعدون}
[30فُصّلت]
بسم الله الرّحمن
{ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
الرّحيم
[9 النحل]
جفـاءُ المضـاجـع ليـس يـنـبئـك عـن شـغــف الـهـوى
وجلُ الجـلاء جـلالُ جـمال صـفـاء سـاعات الجوى
قد مضى عهد التّصابي و مقبل الأيّام رجعٌ للصّدى
إهداء هذا الديوان
الإهداء إلى الزوج زواجاً قام على ميزان الحق والعدل. و كان تمامه بنسق تمّ عقده على كفاءة انتظمت أطرافه المتعاقدة على الحب والوفاء، و بنيّة خالصة صافية للعمل على صلاح خلق معاش الدنيا وأمر معاد الآخرة.
الحج الخالص
من تبرأ من حقوق الغير بلا غيرية
أخلى السبيل استطاعة
وأتم بالحج خلاص المراد
لذلك قيل الحج في العمر واحدة
وجبت بشرط استطاعة
والشرط مرهون برب العباد
بُني الإسلام على خمسٍ هن ركائزٌ
قواعد البيت للشأن المعلّى
يقوم عليها بلا أصفاد
الدين مطيّة السفر على وُعورة
والمسافر بشرٌ
نحو إنسانٍ بلا قيودٍ من الأضداد
من ابن آدم إلى بشرٍ الانتقال تطوّراً
والرجاء تحقيق المراد تديّناً
ليظهر الإنسان بالأمجاد
البيت المعمور قلبٌ تطهّر من غيرية
والفؤاد باب البيت
برأت عتباته الخمس من أحقاد
تفويض الأمر ل{الله} ليس بالقول جزافاً
بل هو الحال المطمئن بالمقسوم
حلّ بالركن من أرض المعاد
الخيالُ مسبار الفكر
تشيطن إبليس جنّاً عاصياً
فجُعِل للشرّ ملكاً بين العباد
الكفرُ شِركاً على الصدور تألّه تاجاً
والصولجان كذباً وقف للصلاح بالمرصاد
تتمنى تمُدّ العين إلى متاعٍ ممتعٍ
ليس له بصحن الدار عندك اعتماد
وتقول بما ليس في مقدورك علماً
فاعلم بأن الكذب لا يُحقق لكذّابٍ مراد
أن تستقيم فذاك اجتهاداً يراه بصيرٌ
جهاداً لوجه {الله}قياماً كالعماد
الاجتهاد تقلّبٌ وتعرّضٌ بسابق علمٍ
لحُرٍّ بحرٍّ في شتاءٍ في انتظارٍ لوقت حلول المعاد
التصوّرُ والتخيّلُ مسبارُ حصافة فكرٍ
يسبر الغور تناقضاً يقضي على الأضداد
وليس التواجد وجداً إلا خيالا ت أحلامٍ
توهّمت ظناً شأن الملوك توهموا ملكاً داخل الألحاد
فلا أنا ولا أنت إلاّ تصنيف ظهورٍ ظاهراً
لانجلاءٍ حلّ على خمس راياتٍ والفؤاد
الباطن رحمة الجود سبقت بها الأحكام
والظاهر قدر الطهي للأنوار على نار الاجتهاد
سجود النار للطين قدرٌ مقدور له
لبيان الرشد من غيٍّ خلاصاً من الأصفاد
صفاء الروح كسر القيد إيثاراً
فتغدو النفس مزماراً لنفخ الانقياد
بكاء العين فرحاً بهجة الأنوار
ضياء نار الحق تدعيماً لاعتقاد
فالعين نافذةٌ بلا أستارٍ ترامشها
وستائر القلب على أبوابه سبعاً شداد
العذاب من أسباب الرحمة
العذابُ رحمة مزجاة والانتقام ليس بنغمةٍ
بل هو التقويم إلى خط الاستقامة واستواء
فالعظيم بالذات مستغنٍ عن التنغيم لعرشه
قائماً بالقسط خطاً مستقيماً يُقوّم الأشياء
فإن أنت رأيت أنك في العذاب مهاناً
فاعلم بأن الحظوظ تهلّ حتماً بعد التواء
فاليسر بعد العسر يجيء ضربة لازب
والقول آية حكمةٍ نبتت بأرض نور الأنبياء
كما الأسباب تعددت والموت واحدٌ
كذا العذاب من أسباب رحمة بعد العناء
الكون جاء على الصعيد محبة
وصدّ الحبيب دلالاً هو ليس إلا نداء
كيف كان يكون كوناً
كيف أن يكون الفرد أمّة
منه تجيء أفواج الأنام
كيف كُنّ إبراهيم لاماً
بين ألفٍ وميمٍ جمع إيقاع الكلام
كيف أن كان الكون نقطة
انبثق عنها كل أطراف الزحام
كيف أن قد يعني هذا
أن ياجوج وماجوج فردٌ أمّةٌ في لام
خمس أبياتٍ توالت تتفاكر حيرة
والوجل ريبٌ أضغاث تدبيرٍ في اختصام
كل ماكُنّ بالأكوان كان كيان فكرة
تبلورت قوارير بها تقيّدت أنغام
كلمة التوحيد {لا إله إلاّ الله }
صرح ٌ يجمع الأشتات إلى إمام
لعل أن بالفكر يحيى مواتٌ
بلبّ أقلامٍ تفرقت إلى أجسام
صولجان الدّجّال
لسانٌ عُقِد بأحوالٍ من كذبٍ نُشِرت
بها امتلأت صفحات عيون جميع الأصقاع
الصدق صار هواماً يتدثّر أسمالاً بالية
اشمأزّت منه صبيحات التنميق فما عاد يُطاع
صال الكذب وجال بلا أدنى ورعٍ يتبختر
ملك زمام الأمر وما عاد الصدق وسيلة إقناع
حديث الجهل سلطان لسان الكذب
ينمّق أشعاراً بها تلهو وسيطات ملذّات الإشباع
لبن الطير تجده إن وُجد الصدق بناحيةٍ
قد ملك الدجلُ جميعَ مقاليدَ دواوين الإيقاع
كلمات الخبث تعيث على الأرض فساداً
و لباب معانٍ طاهرةٍ سُفكت توقيعاً بالإجماع
صارت جميع قيم نفيس الأشياء رقيقاً
تجارة نخّاسٍ رائجةٍ في سوق تفانين الإمتاع
المتسلّطُ كذّابٌ أشرٌ كبّله الخوف عقال الطمع
أيدي الدّجّال امتدّت تحجب بالجشع الإشعاع
البقاء سليل الخفاء
ورد السبعُ العين يراود أخماساً عن سُدسٍ
والسدس اعتكف بباب السبعة أسباعٍ مفتاحاً للدوّار
سبعة أيامٍ حائرة سباعية أروقة الحدس
في مجملها أسدٌ سبعٌ ضرغامٌ يحرس باب الزوار
سبعٌ في سبعة لوالب أسداسٍ عسسٍ
تحاول عبثاً إبقاء السابع مصباحاً بمشكاة الأنوار
البقاء سليل خفاءٍ احتجب بنارٍ قدسٍ
والأحوال تعدوا ضبحاً تقدح فكر التدبير لاستقرار
ليس بمشكاة النور غير جواريٍ كُنُسٍ
ولا يرتاد الضوء ظلالاً في نخل جفاء الأسحار
الحياة موسوعة رقمية
المعنى رقمٌ جوهره حسٌ واحدٌ
و الصور أشكالٌ تجادل طيف الألوان
الحياة موسوعةٌ رقميةٌ لأحرفٍ مشفّرةٍ
والغداة والعشيّ أرقاماً لقياس كمية الأوزان
التوحيد مضمون هندسةٍ لأرقامٍ تباينت قيماً
توازياً مع الكيف ياء سين أحرف قيمة الأركان
فالكيف قد جُعل رقماً خفيّاً لا تقايسه أداة
هو ليس في علم الحساب بسطاً محدداً بمكان
وما الكمّ إلا جدال أقطاب أرقامٍ تبعثرت
على برزخ ٍ في لا مكان خصمان يعتركان
الصلاة والذكر والتسبيح إن هي إلا محاولة
للجمع بين أبعادٍ فرّقها الظن عن ميس هذا الآن
الحروف ما هي غير أرقام سالت فتسلسلت
من نقطة في لا زمان اعتملت فتشكّلت أبدان
مفتاح الحياة تسير سلباً وإيجاباً بمعتركٍ
يكمن في برزخٍ أقيم بين النوم والصحيان
فالنوم موت ٌ والأحلام أعلام تفاضلٍ
و البعث أن تصحو مولوداً مجدد الوجدان
المحبة كتابٌ مجنزراً بسلاسلٍ رقميّةٍ
وُضع أزلاً لكي يُرى ما جُنّ في الأجنان
ثالوث الحياة كوناً أبعاد آلهة هيمنت
والملَك بعداً لبرزخ ٍ بين الجنّ والإنسان
العهد القديم
تطور الأشياء والأحياء مما كان مقضيّاً
إلى الذي بقدرة التقدير هو الذي سيكون
هو كشف الغطاء بالحق والإنصاف عدلاً
عما هو الآن يدور جوّالاً بأفلاك الظنون
المسبار عبر قيوم سماوات الظن شكٌّ
توقّد ناراً وقوده حيرة تمتطي فرساً فتون
والحيرة هي الأجيج هياج الحال مكنوناً
داخل التنور قيد الآن كيف يكون
الجنان الخلد والفردوس وكل نعيمها
وعدنٍ وقرب العرش مأواها الكمون
والنيران غيظ الحرّ يمور في دركاتها
ظلمة ظلمٍ وظلام جهلٍ جنياً جنون
هما الاثنان البسط فوق الأرض
مقام قوام دائرة الحياة كم ستكون
هما الاثنان تحت استواء خط الآن
حركةٌ دءوبةٌ يقاومها ثباتٌ وسكون
كل ما في القضاء كان وما مقدراً ليكون
هو الآن الكنز القديم تحت الأرض مدفون
هو الآن حالٌّ حقيقة آنٍ على مكانٍ
ميزان عدلٍ قيومية الحرم المصون
فإن فطنت يا صاح لما نرمي إليه
ضع اليمين المهيمن على يسارٍ هتون
واحفظ العهد القديم صابراً ومثابراً
ميثاق الولاء والتقدير للأم الحنون
ما أنا غير هو
أنا وأنت وما الأنا إلاّ ارتداد الطرف
تذكرة بفحوى لبّ ألباب الخالدات
تسترجع الأيام ما كان بها انطوى
حقيقة ألف انبثق مما كُنّ بنقطة النونات
الأنا شفرة من الآن تحكي لنا
حكاية ما كُنّ بين الكاف والنون من آيات
وما الأنا إلاّ صورة ما قد مضى
وهي النبأ لكل الذي كرجع الصدى هو آت
لا إله إلاّ {الله} تحكي لنا
عن عبير الشوق للمحبوب عبر نسمة الآهات
وما الأنا في خضم أشواقٍ غير هو
إلهٌ واحدٌ مُحِبٌّ صمدٌ إليه تُرجع التركات
يفوح الرَوْحُ شغفاً من ريحانة نبتت
تستسقي الهوى ولهاً من دنّ فوّاحة الآنات
عبقٌ تطيّب طيباً أريج جذوة عشقٍ
فاح من طيّبٍ طاب مقامه بطيبة الطيبات
مني إليك صلاته هو من يصلي
على المُصلّي أول الواصلين صالة العتبات
حبيباً مهما ابتدعت لوصفه
لا توفّيه الحق جميع معارج الكلمات
حبيباً إلى جنانك حاضرٌ
إن افتكرت أو بالمنام أهلّ كذاك الذكريات
فما الأكوان إلاّ سنا البرق من أضوائه
هالة النور شُدّت إليها الجباه مرفوعة الهامات
هو السؤال واحداً قيل عند الأمر كُن
فكان كيان الكون عقال الجياد الصافنات
وهو الجواب تشفير حكاية نبض الحياة
اقتضاه ارتضاء العناية قدراً سيلُ أنهارٍ جاريات
الإنسان هو العريس
رأيت أني دعوت ربي قائلاً
يا ليت أني كنت إبراهيم ليس إلا خلّه
فلما صحوت فكّرت عجباً
إذ أنني بالفعل فعلاً ما كنت إلا نفسه
بل أنني في جوهر الأركان من بيتي
كنت كذاك موسى وعيسى بل آدم عينه
وفي كوني أنا الأكوان بما فيها ومن فيها
أو ليس ذلك إلا ما جرت به أقواله
بالجهر قال أنا مجنونٌ بحب ليلى
فقلت لا بل إن أنت بالسرّ إلا جنونه
وما ليلى ولا الحب إلا تعبيراً لتعلّقٍ
لما فيك جُنّ فما أنت إلا سرّه
تسع بالجهد تكدح نصباً خلفها
فإذا واجهتك ما رأيت إلا خضره
حين ذاك يكون القميص قد قُدّ من قُبُلٍ
وليس ذلك إلا ما كشف شرعاً أمره
تلك الحقائق سجد العباد عابدين ببابها
وليس خلف الباب إلا حقيقة وجهه
يكدح الإنسان عمراً يطلب ربه
وليس ما كان و كائن الأكوان إلا مهره
العريس مقاماً يُعرّس حالاً فوقه
و العُرسُ ما هو إلا أن يكون الحال مقامه
جنّة الواقع الحاضر
تستعصي على النفس هموم النضال
لتغيير حالٍ بالحاضر واقع تراه ويل العناء
ترفضه رغباتٌ فيها مشبوبة برفاهة
ولا ترضاه شهواتٌ لا يكفيها ما دون اعتلاء
لا تستسيغ استرخاء قبولٍ مسلّمٍ
لواقع الحال الحاضر جهلاً وفي ذاك الشقاء
يستعصي عليها استسلام رضاء كافٍ
وليس الكفاف من شيم ربات الدهاء
تتمنّى دوام نفيس اعتلاء العوالي
تتسلطن وهماً على عرش الظنون الغثاء
ولن يكون غير ما كان كما في الروع انطوى
غير أن الأمنيات الطيبات رأس قنطرة الذكاء
فإنك إن أنت ترضى بما عليه أنت وفيه
سلمت سلاماً أماناً حاضراً نعيم الهناء
تشاهد الشهد شهوداً حضوراً واقعاً
لا يُصرف عنك ولا تدركه غواشي الفناء
إنّ كل ما كان قبلاً وكل الذي سيكون بعداً
هو الآن حقيقة حاضرٍ واقعٍ لا يغيره ادّعاء
فإن أنت رمت على ما أنت فيه سكوناً
لا تتمنى غير ما أنت عليه ولو بابتهال الدعاء
يُعرّفُ هذا جنانُ معرفةٍ يحجُّ إليها عُرّاف ٌ رجالاً
ضُمرٌ بطوناً شُكّارٌ نفوساًً عاليهم ثياب البهاء
الصدق رجلٌ
الصدقُ مُنج ٍ بكل حالٍ ومآل
والكذب قنطرة العبور إلى ريب الهلاك
أن تتحرى الصدق دليل معرفةٍ
والعلم مُغنٍ في كلّ حالٍ عن عراك
الكذب دليل جهل بحقيقةٍ حقٍ
توارت خلف طيف قطرات السِماك
في يوم الناس هذا الصدق رجلٌ
لا يُصدّق وإن مدّ يدّاً قال هاك
اليوم الريبٌ سلطانٌ في العلن
ولقهره لابد من لا ريب كتابٌ لا يُعاك
آمنة المشكاة
أنا بن امرأة فيها اجتمعت فضائلُ نسبٍ
وجميع خصال الحسب مما فات ومما آت
من قريشٍ امرأة حُظيت بحمل النور
فوق غمامٍ من طُهرٍ عمّ الأرض والسماوات
امرأة آمنة من أرقٍ لم تقلق من همٍّ
ما أعياها ثِقلُ الحمل ما أقعدها وجل ٌ من آفات
سيدةٌ صافيةٌ يغبطها صفو صفاء الماء
تسلسل عيناً مِسكاً من طيب الكلمات
فضيلة فضلٍ فضائلها انبثقت
عن نبع النُبل مشعّاً بوهج الخيرات
أنا بن امرأة لم يمسسها سوء من حُلُمٍ
ما غشيتها تعابير ٌ من ريب سواد الشهوات
امرأة ما ولدت حواء أجمل منها
وما كان من مريم العذراء غير إشارات
امرأة هي آخر من حمل الشعلة
نحو الميس الخاتم لجميع سوام العادات
خديجة وفاطمة الزهراء وعائشة
لامرأة ولدتني كن بالبيت وصيفات
هي المشكاة منها انبعث شعاع النور
يوم ولِدْتُ أضاء الكون وكل الظلمات
اللهم صلي عليه وسلم بقدر عظمة ذاتك يا واحد يا أحد يا صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
ألفٌ بين الراء والدال
ليس بالتهور واندفاعٍ في شطارة
بل بالتروي تعقلٍ وتدبرٍ يتم تحقيق المراد
وما المراد المطلوب بكشف حقيقة
إلا ارتخاء شديدٍ وعقل العقل عن ابتعاد
وما الميس الذي يهلك العُبّادُ دونه
سوى استواء بأعراف المقام بلا عتاد
الصمد أن تصمد بوجه أعدى الأعادي
لا تكرَّ ولا تفرَّ لا تجتهد فالصمود أعز الجهاد
وما الركن الحق في الجهاد حقيقة الحقين
غير أن تسكن بدار مودة بلا شقاقٍ أو عناد
حرف الدال هذا في دلالته صبيحاً
كشف نقاباً فظهر وميض الراء من الرماد
حرفان نورٌ ونارٌ يؤلفان بالتآلف زوجاً
و إلاف الراء نحو دار الدال مطلوب العباد
معمورة الدارين تناقضاً وتآلفاً تدور دولاً
هي الأرضُ ساحة اعتراكٍ للتنافس و التضاد
هي محميّةٌ نفيسةٌ لنفائسٍ فيها يدور الاحتراب
بين ذاتها وصفاتها في انسجامٍ بين أطراف التناد
المنادى ومن يناديه رادٌّ وعليه مردوداً
ليسا في الحقيقة إلا واحداً منه إليه ارتداد
حديث الحقائق هذا إن لم يكن عليك رخاءٌ
سلمٌ وبرد رضاءٍ يعمّ بالأنحاء شعور ابتراد
يرتد عليك في الحال وبالاً وعسر مخاضٍ
فنار ادعاءٍ تهلك الأخضر واليابس والسماد
حديث الحقائق هذا علم حسابٍ
يفاضل قيماً بين البين بيان حياة الجماد
وما ليلى وسلمى ولبنى ومي وأخوات لهنّ
غير راياتٍ عالياتٍ تشير إلى مكان كيان سعاد
وليس هذا التشبيه مدعاة سؤالٍ وحيرةٍ
فما في الكون غير { لا إله إلا الله } اعتماد
كما أن ليس هناك مضموناً يُشاهد عيناً
بين الراء والدال إلا ألفاً عماد أعمدة الفؤاد
علم الحقائق مهما كان لا يغنيك عنك
فأنت المراد وراء الفؤاد عميد العماد
فإن كنت مقيماً بجسمٍ شابٍّ جلدٍ
أو كان جسماً شيخاً هرماً يعي بالكاد
فما أنت إلا نفساً منفوسا نفيساً
من أنفاس نفسٍ نفيسةٍ ما وُلِدت ولا لها أولاد
النفي والإثبات توأم
ليس إلا الظن قاطع دربٍ وهو حفّارٌ للقبور
وليس غير الوهم حائط الصدّ ما يردي الصقور
ليس غير يقينٍ ما يعجّل موتاً ليس قطعا للنحور
وليس إلا الشّكّ ريباً ما يزلزل أركان الجَسور
وحورية محتارة وليس غير الحيرة جسراً للعبور
فليس مما حولك ما يشغلك عنك
بل هو ما تخفيه أجنحة الصدور
و خائنةُ عينٍ تكشف فتقاً تحت أقبية القصور
وليس إلى رتقٍ سبيلاً غير التخلّي عن غرور
ليس إلى بقاءٍ دائمٍ بمقامٍ سبيلاً
غير اعتلاءٍ للجبال وقطعٍ للصخور
وليس غير توالي الفناء دليلاً
بأن البقاء يدوم دوام العزيز الغفور
ليس الحضور تأمّلُ فكر ٍمراقبٍ
يترقّبُ حين انبثاق ضياء البدور
وليس الغياب انشغال الفكر
بتوقيت وقت استواء القدور
وليس بين البين تحقيق مقامٍ
إلا بوقفٍ لوجه القمر ألا يدور
الأرض لبّ الكون
الأرض حاضرة الحياة هي أمّنا
لبّ الكون كانت صَهرًا من حديد
منها انبثق في الأزل الكون ابتدأ فتقا
وهو الآن إليها يعود رتقاً من جديد
الزبر بباطن الأرض حديداً صافياً
وزاده الماء صلابة إذ هطل عليه للتبريد
الحيّ والحيوان كان في البحر حوتاً
و عملاقاً يجوب البرّ والوديان في تجريد
فالأرض أم الكون صغيرة كانت
وهي الآن من الآفاق تنمو بعَمرة التجديد
الحيّ فوق وجه الأرض يزيد رفاعة
بتعملق العقل كشّافاً ببصرٍ حديد
هجرة الأكوان نحو الأرض الأم تمثّلت
في انفلاق الذرّ كرهاً طوع بأسٍ شديد
الأرض كلما عدّ يومٌ هي جديدة
بالوافدين الشعث شهباً من الأفق البعيد
ويوم أن يجتمع الأبناء بأمهم تهلل فرحاً
فذاك يوم قيامة الأشهاد والعود الحميد
ويُقام عرسٌ تزغرد فيه الصبايا جزلاً
وبالأرجاء الكروان لا يكفّ عن تغريد
في يوم الفرح ذاك تكون الأرضُ غير الأرضِ
يكون لها السماء أديماً والأيام تمتدّ عمراً مديد
حينها اليوم مما نعد يكون إذاك سنين ألفاً
ولا يعود من عجِلٍ يترصّد الشمس جهة الصّعيد
متى يصيح الديك
الأمور جميعها بمفترق الطريق تغيرت
والوجوه تبدّلت والتراب هو التراب
صار حال المقام للأقوام غير الحال
وسؤال يتسكّع حائراً يرجو الجواب
متى وأين يصيح الديك مؤذناً
أن من العلى قد انجلى ليل العذاب
كيف لمستضعفٍ أن يقيم صلاةً
تكون رحماً ينضح رحمة وثواب
ولم أن الديار قد ضاقت بأهلها
وهي في التقدير رحيبة بلا أبواب
التراب هو التراب وما تبدّلت الديار
ولم تتوقف الحياة عن معدّل الإنجاب
غير أن النفوس توحّشت فتنافرت
والعقل بلا حياءٍ خلع ما عليه من الثياب
قيمة الإنسان الآن محطةً بطريق وعورةٍ
سُوّرت بشوائكٍ وكتب ممنوع الاقتراب
حين لا يعنيك عني الحال ما يؤلمني
ولا يؤرقني ما بك أراه من اضطراب
يكون السوء بملتقى الدارين قد بلغ المدى
وحان موعد راشدٍ يضع ميزاناً للصواب
من يسمع الموتى
مقابر العلماء من عرفوا
أمواتٌ بين الناس تمشي في حبور
تفيض بالحياة من فلك إلى فلك
في لولبٍ قوارير شفّافةٍ كأنها البلور
و أحياء يحسبون أنهم علموا
أسرار معرفةٍ بالكشف ذوقٌ بالشعور
إلا أنهم أمواتٌ تئن الأرض بحملهم
وبهم ذرعاً تضيق ألحدة القبور
قال من أراد رؤية ميّتٍ في حياةٍ
بين الناس يمشي لا يخالطه الغرور
هو الصِّدِّيقُ الحيُّ من أُشير إليه
مشكاة مصباحٍ بِكرٍ من بكور
و أمواتٌ لا يُرى منهم غير أكفانٍ
و إن كان من عليها يلوح فيض النور
ولن تحيى ما دمت في قبرك ميّتاً
وإن منك عبق المسك فاح بخور
الوصيّةُ الحقُّ لا تتمنى بل أن تمت
قبل أن يأتيك خطفاً خافقاً بين الصدور
تلك مراكبٌ محجوزةٌ مقاعدها
للصادق الأمين الشاكر المشكور
مواكبٌ حيرى تدور في السماء
وفوق الأرض كواكبٌ درّيةٌ تدور
وقودها النقاء بلا إلّاتٍ خافقاتٍ
لا لها لونٌ ولا طعمٌ يعكّر الصفاء بالسحور
كانت في الأصل بدراً منيراً واحداً
من أسود الخفاء جاء هالةٌ من نور
الخلط انبثق عن انفعالٍ في نقاءٍ
كما جاءت الألوان طيفاً لقطرة تمور
يتكلم الأموات الأحياء رؤية عينٍ لحقٍ
ولا يسمع الأموات إلا من كان حيّاً بالقبور
وتمضي الأيام واثقةٌ توثّق في أعطافها غزلاً
تنسجه قَدَراً على نول دائرة طيّات الدهور
النخل المشاع
صورٌ في سوَرٍ والسور أسواراً
أقيمت على نخلٍ بدوّار الديار
أشاع صاحبها ريعها طوعاً
فمن يهزّ الجزع يلتقط الثمار
الثمار ليست رطباً جنيّاً
و من على الأرض تجمع الأفكار
بل هي الكنز تحت جدارٍ
بالجهد تهدّه تجده رهناً بالجوار
تلك سنن الحياة إليها تشدّ رحالاً
عجِلاً على وجلٍ بلا مئزرٍ أو دثار
فإذا وجدت الجدار صدِعاً أقمته
فأنّى لك من خضرٍ عجباً واحتيار
تقول أليس لهذا كلّت رواحلنا اجتهادا
و سيراً حثيثاً من أجل أن يكون لنا خيار
ويجيء الجواب بأن الفعل ليس بأمري
وأن القضاء كان في الأزل سيّد الأقدار
فإن أردت أن يكون الجواب عدداً واحداً
فلا يصحّ منك أن ترى لك في الأمر ثمّ خيار
ستهزأ الأرقام منك عليك ضاحكة
تقول إنما الشهد يا صاح في الأزهار
فإن أردت قطافه تجعله زاداً
تسري به ليلاً وتسير عليه بالنهار
فأصبر في نِحلةٍ على لسعةٍ من نَحلةٍ
وأوقد منك تحت النخل جذوة من نار
فيا كلُّ من خلط الطريق بدعوةٍ
يحسب وهماً أنه السيد المختار
ليس للأقدام بُدٌّ أن تتابع السير جدّاً
تقتفي الأثر بما تراه ومضاً من الأنوار
ولن تكون إن فعلت ذلك تابعاً إمعة
بل تكون بالحق أنت نافخ المزمار
سيّد القوم خادمهم والخادم سيداً
بسلطانٍ من جذوة الفكر والأذكار
فلا تتردد عن خدمة بالمنام تراءت
أو أنها كانت شهود عيانٍ بالنهار
فإن في الحق ذلك ديناً خالصاً
وليس الدين إلا تحرّ الصدق في الإيثار
لا رياء ولا فيما أتيت تشوّف سمعةٍ
بل حقيقٌ مجرّدٌ حديدٌ كنصل الصامد البتّار
هكذا يكون الوفاء بالحق به ولأجله
يُقام الركنُ بسطاً وتُهدّ أعمدة الجدار
وهكذا حال منوال الحياة تصاعداً
محواً وإثباتاً فعلى خطين ينطلق القطار
طريق الحقيقة واحدٌ لا فروع له
وعلى رجلين يقوم الحق بوّاباً للعمار
وبعد العسر يجيء يسراً قبلاً وبعداً
وتدور دائرة الحياة دورة لولبٍ دوّار
قانون اكتمال سير الحياة ليس حماراً
وليس بالقطع قطاراً على متوازيين يُدار
بل هو السير حثيثاً نحو القيّم الحاسب عدلاً
بواحدةٍ يعادل عشراً وعن رطل يعوّض القنطار
النفوسُ تُجازى بقيمة السلب واحدةً
وليس للإيجاب حدوداً عندها ينهار
فلا تبتئس خشية الوقوف بسلبٍ
فالإيجابُ كنزٌ على رأس اللحظة منار
محطات القطار على طول الطريق عديدة
وليس للمسافر على القطار نهاية استقرار
فإن عند رأس كل حقيقة جسراً
من عنده ولعنده يعاود المشوار
الموت محطة استراحةٍ بطريق تنقلٍ
يتبدّل عندها السوّاق الكابتن الطيّار
يشيخ الطين تفنيه تعاريج قسمات البِلى
والماء لا يفني ما بقيّ مخفيّاً بقارورة الأقدار
جسد الطين تراباً يشكّل قطباً سالباً
والروح بالإيجاب ماء البحر يطير للأنهار
البحر في عموم الكون بحر واحد
والبحيرات والأنهار وليدة الأمطار
كذاك الروح قيد الأمر واحدةٌ
بلا لونٍ لمظهرها ولا تحدها الأسوار
الماء صرفاً لا لون لا طعماً ولا رائحة له
قد سبق أزلاً أمر نفخ الروح بالإشهار
فالخلق قديماً أمرٌ أقدم والنفخ لاحقٌ
تعليماً بمعرفة الأسماء لكل شجرةٍ وثمار
كيف تجني الورد عطراً
ركبت عُرف البرق شوقاً إلى حيث الحبيب
وهل كان البراق إلا أجنحة الحنين إلى الرفيق
جئت أحمل الخفقان أخطب وُدّ ليلى
فتراءت لي سُعادٌ عند مفترق الطريق
قالت كيف تجني الورد فلاّ و ياسميناً ونرجساً
في قوارير فضة عطراً وأنت في شبر ماء غريق
لقد زرعت جهلاً رأس الجسر شوكاً عويراً
وكان أولى لك أن تفرشه عسجداً وعقيق
قالت لي تمنّى ما تراه لك قربانًا لقربٍ
قلت وهل تتغير الكتب في اللوح العتيق
قالت ألا مهلاً كُفّ جهلاً وادعاء معرفةٍ
فأنّك أن تتمنّى فذاك القضاء في الترقيق
قلت يا ليت أني ضوءاً أعبر الأكوان لمحاً
إلى حيث أصحو من مواتٍ ومن نومٍ أفيق
قالت ألا هل كُفّ جهلاً تتمنى بالظن وهماً
فما الأكوان إلاّ صورة ما كُنّ فيك خافياً ودقيق
قلت ويحاً بالرحل هو في عقر داري قائماً
وأهيم رحّالاً أنشد خيالاً هام بالأفق السحيق
أيّ جهلٍ هذا!!
البرهان بين ناظريك إماماً
وتهاجر إلى الآفاق تطلب شاهد التحقيق
الفرد فينا وجه دربٍ في قدودٍ تفرّقت
في اختلافٍ بشكل باصمة العبد الرقيق
وتفرّدت القدور بالحق المبين تبايناً مميّزاً
بتصويرٍ في تدريجٍ لطوائف الألوان بالتفريق
شفافية الشاشات بقدر كمّ الطين مُلطّخاً
بأكتاف أطباقٍ تستقبل الوحي حيّاً بلا تلفيق
ولا يُخففُ الطين عن ساتٍ إلا بإيقان قلبٍ مُحققٍ
لحقيقة أن الزمكان جلاء قواعد الميزان الدقيق
الحياة تنطلق جواباً على سؤالٍ عن غلامين يتيمين
سئل قبل أن يُقال ألست والجواب ما زال في التحقيق
الأيام تمضي بالسلب والإيجاب جاء ما انفك يجيء
والآجال لا تزيد لا تنقص تنتهي إلى الموقوت بالتدقيق
قبورٌ تحت أشجار السماح
قبورٌ بباطن الأرض تنادي أسياد حياتها
جنانٌ خالداتٌ تحت ظلال أشجار السماح
وقبورٌ كباسطات الطير مفرودٌ جناحها
في أعلى أعالي السامقات تدور بلا جناح
و قبرٌ ولا قبرٍ بأرضٍ ولا أرض بها ولا بأديمها
هو بين لاآت إلاتٍ نافياتٍ مثبتاتٍ خافياً ومتاح
إن قصدت منه القرب تجده وجداً رهن بنانها
تلقاه إلى جوارك واجداً جاءت به نسماتٌ فراح
فإن كان السير منك إليه خطواً حثيث رماحها
جاءك منه اللطف يسعى بريق البرق في الدجنّة لاح
وإن تباطأت هممٌ بتعثر الأقدام سعياً على خطواتها
ما تُركت سهواً ولا أنت في النسيان وارداً بل المذكور بالألواح
تنبيه
قطعت الصلاة على نبض الحياة وترياقها
على أحرف الخواطر كان بها اللسان لهيج
فهل الجفاء أم طغيان من خلعت عنها حياءها
أم قد استغنت الأرض بقطر الندى عن وابلٍ هجليج
فإذا نظرت فيك وجدت عنك قطيعةً لحبل خبائها
فأيّ خيال حياة ركبت حتى ُحجبت عن برد الهجيج
كتبت وقد أطاعك متن الحرف نثراً وشعر شعورها
فليتك كنت أحمق من بعيرٍ يجهش بالبكاء بعينٍ رجيج
المعراج إلى سماء الأرض لا إلى أرض السماء
تتنزّلُ السماء لا تعرج الأرض إليها
ليكون كما في السماء
كذلك على الأرض مهد الحنين
المعراج ليس صعوداً إلى قممٍ سماء
بل هو الرجوع إلى الأغوار
نُزُولاً لكشف الغطاء عن عين المعين
جبريل السلام عليه عقلٌ عقل الفؤاد بربه
قال ها أنت وربّك
وما الأنوار إلا رجع صدى الصفاء المكين
العروج جسداً وروحاً وتلك حقيقة
والرؤية جمع انقسامٍ في واحدٍ
رتق الجواري عند مراسي الحق اليقين
الأرض والسماوات للجسد مقاما و بسطاً
وروح الأمر فوق الأرض تجسيداً
لقيم جمال صفاء جلال الكمال العين المعين
العروج تقلّب الروح في الطين من آدم إليه
إلى أن جاءت إحداهن تسعى
تقول يدعوك أبي وتم زواج الضياء بالنور المبين
الافتراض المفروض
هل لا بدّ أن يكون الوجه الآخر
طرفاً شريراً في كل مقامات الأحوال
أم ما من بدّ أن تعاريج الطيف بقوس الألوان
تحددها زغزغة رموش عيون الأشكال
هل يُفترضُ لمعرفةٍ فرضاً رحّالاً
داخل دائرة الحسبان بلا مفتاحٍ للإدخال
أم أن الافتراض كبش فداء التضحية
لآلامٍ يستسلم لا يعترض ولا يحتال
فهل هل يُفترض فرضية مطروحة
تجادل عنها فيها فوراً بلا إهمال
أم أنها فرضٌ فيك عليك تؤدّيه
لتجد الأمر المفروض أمامك في الحال
الافتراضُ سؤالٌ مسبارٌ يستطلع آفاقاً
والفرض جوابا يستقبل حالاً مفترضاً رحّال
فأنك أن تؤمن فذاك جواب قبولٍ
لإنزال الحال الرحّال في الحال مقاماً جوّال
مقامات الإيقاع لحياة كمُوسيّقى مُنوتنة
سُلّمٌ لولبٌ سباعي الدوزنة ثنائي البدال
أول آية نزلت
نزلت الآيات تنزّلت مُنجّمةً لأرض حياةٍ
مُلوّنةٍ مُنسّقةٍ في لوحة شكل العنوان
وكان الزواج أول آية على العنوان نزلت
بها وعليها قامت أعمدة قوام البنيان
العنوان بما فيه وشكل تعاريج الألوان
جمعاً مرهوناً داخل مخزون ذاكرة الإنسان
الإنسان هو العنوان هو اللوح المحفوظ
المقصود عند نهاية لوحة تشكيل الفنان
ذاكرة العنوان حوت جميع بيانات الكون
وكل الخلجات بموجات الصوت وذبذبة الخفقان
المهديُ يتمّ له الإصلاح في ليلةٍ مقدّرةٍ
بصياح الديك عند فتح ملفات التبيان
وتلك ملفاتٌ تُستعرض يومياً على رأس اللحظة
وُيجرى فيها منها وعليها الإصلاح لمطلق إنسان
الاسم الأعظم العظيم تعالى جلّ جلاله
مفتاح بيانات القرآن مأذون قِران الفرقان
صورته الأسمى الموصوفة بأول آية نزلت
إنسانٌ ما له إلا له شاهدٌ حاضرٌ هذا الآن
الشاهد النافخ في الصور والصور ونافخه
تماثلهم عملةٌ بعينٍ واحدةٍ لها منها فيها وجهان
لمن يكون الولاء
اللوح والرق سندانٌ ومطرقةُ
بينهما حكمة تقدير قضاء التبيان
بهذا الآن على ما شاء
صاحب الشأن المعلّى فنانٌ
يشكّل الحديد كيف يشاء
أخطاء أولي العلم ومعرفةٍ تعدّ كبيرة
والعقاب ضعف ما يكال للضعفاء
فالضعف في التقدير ليس إلاّ جهلاً
والعلم بالتقاضي زاد إبليس استعلاء
إن أخطأت فقلت صدقاً لم أكن أعرف
نجوت بالكاد من نار ابتلاء بشرّ البلاء
وإن كذبت فأنت على علمٍ عصيت
فكنت بذاك زنديقاً لا لقيمةٍ لك من ولاء
فالولاء ليس من عبدٍ صالح لسيّده
بل هو ما لقيمة الخير من عبق الوفاء
والوفاء حقيقة ليس لغيرك أنت
فأنت من في كفه اجتمع شعاع الضياء
الأنانية السامية أن تستحوذ الخير لك كله
و ذاك بما وسعت لغيرك أسباب الرضاء
فإن أعلى قمم قيم الخير إيثاراً
يجعلك نافخاً منفوخاً وصوراً للجلاء
شعرة ماء الحياة
سُنّة التسيير نحو الخير تقليبٌ
لكمّ نون الكيف كافاً بين إصبعين
إصبعان وكمّ نونٍ يكونان ثالوثاً
يبلور الكيف تفرّداً بملتقى البحرين
بحرٌ محيطٌ أجاجٌ لا يحل شرابه
والملح ضرورةٌ لتذوّق الفرق في الطعمين
فلولاه ما استسيغ الماء الفرات رواءه
ولولاه ما برزت الحياة من مقرن ملتقى المائين
شعرة ماء الحياة في النبات ضعيفة
وهي في الزوجين بحر وشيجة الضدّين
يتبع ( من إلى الواحد )
{وَ مَن أحسَنُ دِيناً مِّمَّن أَسلَمَ وجهَهُ لله وهُو مُحسِنٌ
واتَّبَعَ مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً}
سلسلة لسان العصر
في سبيل تكوين تجمع العصر لتعظيم سيد العصر
محمد بن عبد {الله}
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
جمع الجمع واحد
تقديم : يوسف هاشم محمد نجم
تـنويه
ورد على غلاف هذا الكتاب بأنه تقديم:-يوسف هاشم محمد نجم .نرجو التنويه بأن كلمة تقديم وردت بدلاً عن كلمة: ( تأليف ) أو (المؤلف ).ولقد قصدنا بإيراد كلمة ( تقديم ) بدلاً عن كلمة (تأليف ) أن نؤكد أن المؤلف الحقيقي هو { الله } وما نحن إلاّ أداة تقديم لإلهامات وردت على الخاطر من لدن العالم المعلّم الأول والآخر :
{الله}
خالق كل شيء وهو الواحد القهّار.
ماذا نعني بتجمع العصر
الاسم :-
تجمع العصــــر لتعظيم سيد العصر
سيد العصر هو صاحب المقام المحمود عليه أعظم الصلاة وأتم السلام، هو الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، سلاماً وأمناً على ميزان المحبة والرحمة.و ليس للمقام المحمود من صاحب غير سيدنا وحبيبنا وغرّة أعيننا محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.و معنى تعظيمه هو أن نعمل على تمهيد طريق قدومه المنتظر.
ولقد طلب منا عليه أفضل الصلاة وأتم ألتسليم أن ندعو له عند وفي كل وقتٍ رُفع فيه النداء بالطلب لفتح أبواب السماء لتحقيق الصلة بالرب أن نقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاةالقائمة آتي محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
والوعد كان قد جاء هكذا :
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا }
[79 الإسراء]
المرشد:-
هو محمد بن عبد {الله}
النبي الأميّ المبعوث رحمة للعالمين كافة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأعضاء:
هم كافة العالمين من إنس وجن . الطفل والطفلة، الصبي والصبية، الشاب والشابة، الذكر والأنثى.المسلم، المسيحي،اليهودي، البوذي الهندوسي الزرادشتي، الكنفوسيوشي، الماركسي وجميع من هم بخلاف ذلك من أمة {الله} الذين وسعتهم رحمة الرحمن.
المقر:
في كل بقعة مباركة من أرض {الله} الواسعة
وفي قلب كل عبد من عبيد {الله} يسكنه الرب.
المركز الرئيسي:
ُيشيّد أعظم مبنى بعد الكعبة المكرّمة والمسجد النبوي المشرّف والمسجد الأقصى المبارك على وجه الأرض في البقعة المباركة حيث التقى موسى العقل بالخضر القلب في مقرن النيلين في الخرطوم ليكون مركز الانطلاق لتعظيم النبي محمد بن عبد {الله} والدعوة لتطبيق منهاج السنة النبوية المشرفة.ثم بعد ذلك لاحقاً ليكون مقراً للحكومة العالمية، وبناء على ذلك يجهز هذا المبنى بحيث يلبي أغراض ذلك بصورة شاملة.هذا البنيان يجب أن يشمل استوديوهات للبث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات وقاعة مؤتمرات عالمية كبرى بالإضافة إلى المرافق الضرورية لخدمة العاملين.
الدستور:
هو قول النبي محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
(راجع كتابنا: دستور الإنسان المعاصر)
وعليه فإن هذا التجمع ليس بحزب سياسي ولا بطائفة دينية، ولا برابطة إقليمية.
شعار هذا التجمع:
قول {الله} تبارك وتعالى وقوله الحق المبين :
{ لا إكراه في الدّين قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
لا انفصام لها والله سميع عليم }
[256 البقرة]
آلية الدعوة:
{أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]
{اللهُ}
جلّ جلاله وتباركت أسماؤه
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[13 الأحقاف]
{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة
ألاّ تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعدون}
[30فُصّلت]
بسم الله الرّحمن
{ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
الرّحيم
[9 النحل]
جفـاءُ المضـاجـع ليـس يـنـبئـك عـن شـغــف الـهـوى
وجلُ الجـلاء جـلالُ جـمال صـفـاء سـاعات الجوى
قد مضى عهد التّصابي و مقبل الأيّام رجعٌ للصّدى
إهداء هذا الديوان
الإهداء إلى الزوج زواجاً قام على ميزان الحق والعدل. و كان تمامه بنسق تمّ عقده على كفاءة انتظمت أطرافه المتعاقدة على الحب والوفاء، و بنيّة خالصة صافية للعمل على صلاح خلق معاش الدنيا وأمر معاد الآخرة.
الحج الخالص
من تبرأ من حقوق الغير بلا غيرية
أخلى السبيل استطاعة
وأتم بالحج خلاص المراد
لذلك قيل الحج في العمر واحدة
وجبت بشرط استطاعة
والشرط مرهون برب العباد
بُني الإسلام على خمسٍ هن ركائزٌ
قواعد البيت للشأن المعلّى
يقوم عليها بلا أصفاد
الدين مطيّة السفر على وُعورة
والمسافر بشرٌ
نحو إنسانٍ بلا قيودٍ من الأضداد
من ابن آدم إلى بشرٍ الانتقال تطوّراً
والرجاء تحقيق المراد تديّناً
ليظهر الإنسان بالأمجاد
البيت المعمور قلبٌ تطهّر من غيرية
والفؤاد باب البيت
برأت عتباته الخمس من أحقاد
تفويض الأمر ل{الله} ليس بالقول جزافاً
بل هو الحال المطمئن بالمقسوم
حلّ بالركن من أرض المعاد
الخيالُ مسبار الفكر
تشيطن إبليس جنّاً عاصياً
فجُعِل للشرّ ملكاً بين العباد
الكفرُ شِركاً على الصدور تألّه تاجاً
والصولجان كذباً وقف للصلاح بالمرصاد
تتمنى تمُدّ العين إلى متاعٍ ممتعٍ
ليس له بصحن الدار عندك اعتماد
وتقول بما ليس في مقدورك علماً
فاعلم بأن الكذب لا يُحقق لكذّابٍ مراد
أن تستقيم فذاك اجتهاداً يراه بصيرٌ
جهاداً لوجه {الله}قياماً كالعماد
الاجتهاد تقلّبٌ وتعرّضٌ بسابق علمٍ
لحُرٍّ بحرٍّ في شتاءٍ في انتظارٍ لوقت حلول المعاد
التصوّرُ والتخيّلُ مسبارُ حصافة فكرٍ
يسبر الغور تناقضاً يقضي على الأضداد
وليس التواجد وجداً إلا خيالا ت أحلامٍ
توهّمت ظناً شأن الملوك توهموا ملكاً داخل الألحاد
فلا أنا ولا أنت إلاّ تصنيف ظهورٍ ظاهراً
لانجلاءٍ حلّ على خمس راياتٍ والفؤاد
الباطن رحمة الجود سبقت بها الأحكام
والظاهر قدر الطهي للأنوار على نار الاجتهاد
سجود النار للطين قدرٌ مقدور له
لبيان الرشد من غيٍّ خلاصاً من الأصفاد
صفاء الروح كسر القيد إيثاراً
فتغدو النفس مزماراً لنفخ الانقياد
بكاء العين فرحاً بهجة الأنوار
ضياء نار الحق تدعيماً لاعتقاد
فالعين نافذةٌ بلا أستارٍ ترامشها
وستائر القلب على أبوابه سبعاً شداد
العذاب من أسباب الرحمة
العذابُ رحمة مزجاة والانتقام ليس بنغمةٍ
بل هو التقويم إلى خط الاستقامة واستواء
فالعظيم بالذات مستغنٍ عن التنغيم لعرشه
قائماً بالقسط خطاً مستقيماً يُقوّم الأشياء
فإن أنت رأيت أنك في العذاب مهاناً
فاعلم بأن الحظوظ تهلّ حتماً بعد التواء
فاليسر بعد العسر يجيء ضربة لازب
والقول آية حكمةٍ نبتت بأرض نور الأنبياء
كما الأسباب تعددت والموت واحدٌ
كذا العذاب من أسباب رحمة بعد العناء
الكون جاء على الصعيد محبة
وصدّ الحبيب دلالاً هو ليس إلا نداء
كيف كان يكون كوناً
كيف أن يكون الفرد أمّة
منه تجيء أفواج الأنام
كيف كُنّ إبراهيم لاماً
بين ألفٍ وميمٍ جمع إيقاع الكلام
كيف أن كان الكون نقطة
انبثق عنها كل أطراف الزحام
كيف أن قد يعني هذا
أن ياجوج وماجوج فردٌ أمّةٌ في لام
خمس أبياتٍ توالت تتفاكر حيرة
والوجل ريبٌ أضغاث تدبيرٍ في اختصام
كل ماكُنّ بالأكوان كان كيان فكرة
تبلورت قوارير بها تقيّدت أنغام
كلمة التوحيد {لا إله إلاّ الله }
صرح ٌ يجمع الأشتات إلى إمام
لعل أن بالفكر يحيى مواتٌ
بلبّ أقلامٍ تفرقت إلى أجسام
صولجان الدّجّال
لسانٌ عُقِد بأحوالٍ من كذبٍ نُشِرت
بها امتلأت صفحات عيون جميع الأصقاع
الصدق صار هواماً يتدثّر أسمالاً بالية
اشمأزّت منه صبيحات التنميق فما عاد يُطاع
صال الكذب وجال بلا أدنى ورعٍ يتبختر
ملك زمام الأمر وما عاد الصدق وسيلة إقناع
حديث الجهل سلطان لسان الكذب
ينمّق أشعاراً بها تلهو وسيطات ملذّات الإشباع
لبن الطير تجده إن وُجد الصدق بناحيةٍ
قد ملك الدجلُ جميعَ مقاليدَ دواوين الإيقاع
كلمات الخبث تعيث على الأرض فساداً
و لباب معانٍ طاهرةٍ سُفكت توقيعاً بالإجماع
صارت جميع قيم نفيس الأشياء رقيقاً
تجارة نخّاسٍ رائجةٍ في سوق تفانين الإمتاع
المتسلّطُ كذّابٌ أشرٌ كبّله الخوف عقال الطمع
أيدي الدّجّال امتدّت تحجب بالجشع الإشعاع
البقاء سليل الخفاء
ورد السبعُ العين يراود أخماساً عن سُدسٍ
والسدس اعتكف بباب السبعة أسباعٍ مفتاحاً للدوّار
سبعة أيامٍ حائرة سباعية أروقة الحدس
في مجملها أسدٌ سبعٌ ضرغامٌ يحرس باب الزوار
سبعٌ في سبعة لوالب أسداسٍ عسسٍ
تحاول عبثاً إبقاء السابع مصباحاً بمشكاة الأنوار
البقاء سليل خفاءٍ احتجب بنارٍ قدسٍ
والأحوال تعدوا ضبحاً تقدح فكر التدبير لاستقرار
ليس بمشكاة النور غير جواريٍ كُنُسٍ
ولا يرتاد الضوء ظلالاً في نخل جفاء الأسحار
الحياة موسوعة رقمية
المعنى رقمٌ جوهره حسٌ واحدٌ
و الصور أشكالٌ تجادل طيف الألوان
الحياة موسوعةٌ رقميةٌ لأحرفٍ مشفّرةٍ
والغداة والعشيّ أرقاماً لقياس كمية الأوزان
التوحيد مضمون هندسةٍ لأرقامٍ تباينت قيماً
توازياً مع الكيف ياء سين أحرف قيمة الأركان
فالكيف قد جُعل رقماً خفيّاً لا تقايسه أداة
هو ليس في علم الحساب بسطاً محدداً بمكان
وما الكمّ إلا جدال أقطاب أرقامٍ تبعثرت
على برزخ ٍ في لا مكان خصمان يعتركان
الصلاة والذكر والتسبيح إن هي إلا محاولة
للجمع بين أبعادٍ فرّقها الظن عن ميس هذا الآن
الحروف ما هي غير أرقام سالت فتسلسلت
من نقطة في لا زمان اعتملت فتشكّلت أبدان
مفتاح الحياة تسير سلباً وإيجاباً بمعتركٍ
يكمن في برزخٍ أقيم بين النوم والصحيان
فالنوم موت ٌ والأحلام أعلام تفاضلٍ
و البعث أن تصحو مولوداً مجدد الوجدان
المحبة كتابٌ مجنزراً بسلاسلٍ رقميّةٍ
وُضع أزلاً لكي يُرى ما جُنّ في الأجنان
ثالوث الحياة كوناً أبعاد آلهة هيمنت
والملَك بعداً لبرزخ ٍ بين الجنّ والإنسان
العهد القديم
تطور الأشياء والأحياء مما كان مقضيّاً
إلى الذي بقدرة التقدير هو الذي سيكون
هو كشف الغطاء بالحق والإنصاف عدلاً
عما هو الآن يدور جوّالاً بأفلاك الظنون
المسبار عبر قيوم سماوات الظن شكٌّ
توقّد ناراً وقوده حيرة تمتطي فرساً فتون
والحيرة هي الأجيج هياج الحال مكنوناً
داخل التنور قيد الآن كيف يكون
الجنان الخلد والفردوس وكل نعيمها
وعدنٍ وقرب العرش مأواها الكمون
والنيران غيظ الحرّ يمور في دركاتها
ظلمة ظلمٍ وظلام جهلٍ جنياً جنون
هما الاثنان البسط فوق الأرض
مقام قوام دائرة الحياة كم ستكون
هما الاثنان تحت استواء خط الآن
حركةٌ دءوبةٌ يقاومها ثباتٌ وسكون
كل ما في القضاء كان وما مقدراً ليكون
هو الآن الكنز القديم تحت الأرض مدفون
هو الآن حالٌّ حقيقة آنٍ على مكانٍ
ميزان عدلٍ قيومية الحرم المصون
فإن فطنت يا صاح لما نرمي إليه
ضع اليمين المهيمن على يسارٍ هتون
واحفظ العهد القديم صابراً ومثابراً
ميثاق الولاء والتقدير للأم الحنون
ما أنا غير هو
أنا وأنت وما الأنا إلاّ ارتداد الطرف
تذكرة بفحوى لبّ ألباب الخالدات
تسترجع الأيام ما كان بها انطوى
حقيقة ألف انبثق مما كُنّ بنقطة النونات
الأنا شفرة من الآن تحكي لنا
حكاية ما كُنّ بين الكاف والنون من آيات
وما الأنا إلاّ صورة ما قد مضى
وهي النبأ لكل الذي كرجع الصدى هو آت
لا إله إلاّ {الله} تحكي لنا
عن عبير الشوق للمحبوب عبر نسمة الآهات
وما الأنا في خضم أشواقٍ غير هو
إلهٌ واحدٌ مُحِبٌّ صمدٌ إليه تُرجع التركات
يفوح الرَوْحُ شغفاً من ريحانة نبتت
تستسقي الهوى ولهاً من دنّ فوّاحة الآنات
عبقٌ تطيّب طيباً أريج جذوة عشقٍ
فاح من طيّبٍ طاب مقامه بطيبة الطيبات
مني إليك صلاته هو من يصلي
على المُصلّي أول الواصلين صالة العتبات
حبيباً مهما ابتدعت لوصفه
لا توفّيه الحق جميع معارج الكلمات
حبيباً إلى جنانك حاضرٌ
إن افتكرت أو بالمنام أهلّ كذاك الذكريات
فما الأكوان إلاّ سنا البرق من أضوائه
هالة النور شُدّت إليها الجباه مرفوعة الهامات
هو السؤال واحداً قيل عند الأمر كُن
فكان كيان الكون عقال الجياد الصافنات
وهو الجواب تشفير حكاية نبض الحياة
اقتضاه ارتضاء العناية قدراً سيلُ أنهارٍ جاريات
الإنسان هو العريس
رأيت أني دعوت ربي قائلاً
يا ليت أني كنت إبراهيم ليس إلا خلّه
فلما صحوت فكّرت عجباً
إذ أنني بالفعل فعلاً ما كنت إلا نفسه
بل أنني في جوهر الأركان من بيتي
كنت كذاك موسى وعيسى بل آدم عينه
وفي كوني أنا الأكوان بما فيها ومن فيها
أو ليس ذلك إلا ما جرت به أقواله
بالجهر قال أنا مجنونٌ بحب ليلى
فقلت لا بل إن أنت بالسرّ إلا جنونه
وما ليلى ولا الحب إلا تعبيراً لتعلّقٍ
لما فيك جُنّ فما أنت إلا سرّه
تسع بالجهد تكدح نصباً خلفها
فإذا واجهتك ما رأيت إلا خضره
حين ذاك يكون القميص قد قُدّ من قُبُلٍ
وليس ذلك إلا ما كشف شرعاً أمره
تلك الحقائق سجد العباد عابدين ببابها
وليس خلف الباب إلا حقيقة وجهه
يكدح الإنسان عمراً يطلب ربه
وليس ما كان و كائن الأكوان إلا مهره
العريس مقاماً يُعرّس حالاً فوقه
و العُرسُ ما هو إلا أن يكون الحال مقامه
جنّة الواقع الحاضر
تستعصي على النفس هموم النضال
لتغيير حالٍ بالحاضر واقع تراه ويل العناء
ترفضه رغباتٌ فيها مشبوبة برفاهة
ولا ترضاه شهواتٌ لا يكفيها ما دون اعتلاء
لا تستسيغ استرخاء قبولٍ مسلّمٍ
لواقع الحال الحاضر جهلاً وفي ذاك الشقاء
يستعصي عليها استسلام رضاء كافٍ
وليس الكفاف من شيم ربات الدهاء
تتمنّى دوام نفيس اعتلاء العوالي
تتسلطن وهماً على عرش الظنون الغثاء
ولن يكون غير ما كان كما في الروع انطوى
غير أن الأمنيات الطيبات رأس قنطرة الذكاء
فإنك إن أنت ترضى بما عليه أنت وفيه
سلمت سلاماً أماناً حاضراً نعيم الهناء
تشاهد الشهد شهوداً حضوراً واقعاً
لا يُصرف عنك ولا تدركه غواشي الفناء
إنّ كل ما كان قبلاً وكل الذي سيكون بعداً
هو الآن حقيقة حاضرٍ واقعٍ لا يغيره ادّعاء
فإن أنت رمت على ما أنت فيه سكوناً
لا تتمنى غير ما أنت عليه ولو بابتهال الدعاء
يُعرّفُ هذا جنانُ معرفةٍ يحجُّ إليها عُرّاف ٌ رجالاً
ضُمرٌ بطوناً شُكّارٌ نفوساًً عاليهم ثياب البهاء
الصدق رجلٌ
الصدقُ مُنج ٍ بكل حالٍ ومآل
والكذب قنطرة العبور إلى ريب الهلاك
أن تتحرى الصدق دليل معرفةٍ
والعلم مُغنٍ في كلّ حالٍ عن عراك
الكذب دليل جهل بحقيقةٍ حقٍ
توارت خلف طيف قطرات السِماك
في يوم الناس هذا الصدق رجلٌ
لا يُصدّق وإن مدّ يدّاً قال هاك
اليوم الريبٌ سلطانٌ في العلن
ولقهره لابد من لا ريب كتابٌ لا يُعاك
آمنة المشكاة
أنا بن امرأة فيها اجتمعت فضائلُ نسبٍ
وجميع خصال الحسب مما فات ومما آت
من قريشٍ امرأة حُظيت بحمل النور
فوق غمامٍ من طُهرٍ عمّ الأرض والسماوات
امرأة آمنة من أرقٍ لم تقلق من همٍّ
ما أعياها ثِقلُ الحمل ما أقعدها وجل ٌ من آفات
سيدةٌ صافيةٌ يغبطها صفو صفاء الماء
تسلسل عيناً مِسكاً من طيب الكلمات
فضيلة فضلٍ فضائلها انبثقت
عن نبع النُبل مشعّاً بوهج الخيرات
أنا بن امرأة لم يمسسها سوء من حُلُمٍ
ما غشيتها تعابير ٌ من ريب سواد الشهوات
امرأة ما ولدت حواء أجمل منها
وما كان من مريم العذراء غير إشارات
امرأة هي آخر من حمل الشعلة
نحو الميس الخاتم لجميع سوام العادات
خديجة وفاطمة الزهراء وعائشة
لامرأة ولدتني كن بالبيت وصيفات
هي المشكاة منها انبعث شعاع النور
يوم ولِدْتُ أضاء الكون وكل الظلمات
اللهم صلي عليه وسلم بقدر عظمة ذاتك يا واحد يا أحد يا صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
ألفٌ بين الراء والدال
ليس بالتهور واندفاعٍ في شطارة
بل بالتروي تعقلٍ وتدبرٍ يتم تحقيق المراد
وما المراد المطلوب بكشف حقيقة
إلا ارتخاء شديدٍ وعقل العقل عن ابتعاد
وما الميس الذي يهلك العُبّادُ دونه
سوى استواء بأعراف المقام بلا عتاد
الصمد أن تصمد بوجه أعدى الأعادي
لا تكرَّ ولا تفرَّ لا تجتهد فالصمود أعز الجهاد
وما الركن الحق في الجهاد حقيقة الحقين
غير أن تسكن بدار مودة بلا شقاقٍ أو عناد
حرف الدال هذا في دلالته صبيحاً
كشف نقاباً فظهر وميض الراء من الرماد
حرفان نورٌ ونارٌ يؤلفان بالتآلف زوجاً
و إلاف الراء نحو دار الدال مطلوب العباد
معمورة الدارين تناقضاً وتآلفاً تدور دولاً
هي الأرضُ ساحة اعتراكٍ للتنافس و التضاد
هي محميّةٌ نفيسةٌ لنفائسٍ فيها يدور الاحتراب
بين ذاتها وصفاتها في انسجامٍ بين أطراف التناد
المنادى ومن يناديه رادٌّ وعليه مردوداً
ليسا في الحقيقة إلا واحداً منه إليه ارتداد
حديث الحقائق هذا إن لم يكن عليك رخاءٌ
سلمٌ وبرد رضاءٍ يعمّ بالأنحاء شعور ابتراد
يرتد عليك في الحال وبالاً وعسر مخاضٍ
فنار ادعاءٍ تهلك الأخضر واليابس والسماد
حديث الحقائق هذا علم حسابٍ
يفاضل قيماً بين البين بيان حياة الجماد
وما ليلى وسلمى ولبنى ومي وأخوات لهنّ
غير راياتٍ عالياتٍ تشير إلى مكان كيان سعاد
وليس هذا التشبيه مدعاة سؤالٍ وحيرةٍ
فما في الكون غير { لا إله إلا الله } اعتماد
كما أن ليس هناك مضموناً يُشاهد عيناً
بين الراء والدال إلا ألفاً عماد أعمدة الفؤاد
علم الحقائق مهما كان لا يغنيك عنك
فأنت المراد وراء الفؤاد عميد العماد
فإن كنت مقيماً بجسمٍ شابٍّ جلدٍ
أو كان جسماً شيخاً هرماً يعي بالكاد
فما أنت إلا نفساً منفوسا نفيساً
من أنفاس نفسٍ نفيسةٍ ما وُلِدت ولا لها أولاد
النفي والإثبات توأم
ليس إلا الظن قاطع دربٍ وهو حفّارٌ للقبور
وليس غير الوهم حائط الصدّ ما يردي الصقور
ليس غير يقينٍ ما يعجّل موتاً ليس قطعا للنحور
وليس إلا الشّكّ ريباً ما يزلزل أركان الجَسور
وحورية محتارة وليس غير الحيرة جسراً للعبور
فليس مما حولك ما يشغلك عنك
بل هو ما تخفيه أجنحة الصدور
و خائنةُ عينٍ تكشف فتقاً تحت أقبية القصور
وليس إلى رتقٍ سبيلاً غير التخلّي عن غرور
ليس إلى بقاءٍ دائمٍ بمقامٍ سبيلاً
غير اعتلاءٍ للجبال وقطعٍ للصخور
وليس غير توالي الفناء دليلاً
بأن البقاء يدوم دوام العزيز الغفور
ليس الحضور تأمّلُ فكر ٍمراقبٍ
يترقّبُ حين انبثاق ضياء البدور
وليس الغياب انشغال الفكر
بتوقيت وقت استواء القدور
وليس بين البين تحقيق مقامٍ
إلا بوقفٍ لوجه القمر ألا يدور
الأرض لبّ الكون
الأرض حاضرة الحياة هي أمّنا
لبّ الكون كانت صَهرًا من حديد
منها انبثق في الأزل الكون ابتدأ فتقا
وهو الآن إليها يعود رتقاً من جديد
الزبر بباطن الأرض حديداً صافياً
وزاده الماء صلابة إذ هطل عليه للتبريد
الحيّ والحيوان كان في البحر حوتاً
و عملاقاً يجوب البرّ والوديان في تجريد
فالأرض أم الكون صغيرة كانت
وهي الآن من الآفاق تنمو بعَمرة التجديد
الحيّ فوق وجه الأرض يزيد رفاعة
بتعملق العقل كشّافاً ببصرٍ حديد
هجرة الأكوان نحو الأرض الأم تمثّلت
في انفلاق الذرّ كرهاً طوع بأسٍ شديد
الأرض كلما عدّ يومٌ هي جديدة
بالوافدين الشعث شهباً من الأفق البعيد
ويوم أن يجتمع الأبناء بأمهم تهلل فرحاً
فذاك يوم قيامة الأشهاد والعود الحميد
ويُقام عرسٌ تزغرد فيه الصبايا جزلاً
وبالأرجاء الكروان لا يكفّ عن تغريد
في يوم الفرح ذاك تكون الأرضُ غير الأرضِ
يكون لها السماء أديماً والأيام تمتدّ عمراً مديد
حينها اليوم مما نعد يكون إذاك سنين ألفاً
ولا يعود من عجِلٍ يترصّد الشمس جهة الصّعيد
متى يصيح الديك
الأمور جميعها بمفترق الطريق تغيرت
والوجوه تبدّلت والتراب هو التراب
صار حال المقام للأقوام غير الحال
وسؤال يتسكّع حائراً يرجو الجواب
متى وأين يصيح الديك مؤذناً
أن من العلى قد انجلى ليل العذاب
كيف لمستضعفٍ أن يقيم صلاةً
تكون رحماً ينضح رحمة وثواب
ولم أن الديار قد ضاقت بأهلها
وهي في التقدير رحيبة بلا أبواب
التراب هو التراب وما تبدّلت الديار
ولم تتوقف الحياة عن معدّل الإنجاب
غير أن النفوس توحّشت فتنافرت
والعقل بلا حياءٍ خلع ما عليه من الثياب
قيمة الإنسان الآن محطةً بطريق وعورةٍ
سُوّرت بشوائكٍ وكتب ممنوع الاقتراب
حين لا يعنيك عني الحال ما يؤلمني
ولا يؤرقني ما بك أراه من اضطراب
يكون السوء بملتقى الدارين قد بلغ المدى
وحان موعد راشدٍ يضع ميزاناً للصواب
من يسمع الموتى
مقابر العلماء من عرفوا
أمواتٌ بين الناس تمشي في حبور
تفيض بالحياة من فلك إلى فلك
في لولبٍ قوارير شفّافةٍ كأنها البلور
و أحياء يحسبون أنهم علموا
أسرار معرفةٍ بالكشف ذوقٌ بالشعور
إلا أنهم أمواتٌ تئن الأرض بحملهم
وبهم ذرعاً تضيق ألحدة القبور
قال من أراد رؤية ميّتٍ في حياةٍ
بين الناس يمشي لا يخالطه الغرور
هو الصِّدِّيقُ الحيُّ من أُشير إليه
مشكاة مصباحٍ بِكرٍ من بكور
و أمواتٌ لا يُرى منهم غير أكفانٍ
و إن كان من عليها يلوح فيض النور
ولن تحيى ما دمت في قبرك ميّتاً
وإن منك عبق المسك فاح بخور
الوصيّةُ الحقُّ لا تتمنى بل أن تمت
قبل أن يأتيك خطفاً خافقاً بين الصدور
تلك مراكبٌ محجوزةٌ مقاعدها
للصادق الأمين الشاكر المشكور
مواكبٌ حيرى تدور في السماء
وفوق الأرض كواكبٌ درّيةٌ تدور
وقودها النقاء بلا إلّاتٍ خافقاتٍ
لا لها لونٌ ولا طعمٌ يعكّر الصفاء بالسحور
كانت في الأصل بدراً منيراً واحداً
من أسود الخفاء جاء هالةٌ من نور
الخلط انبثق عن انفعالٍ في نقاءٍ
كما جاءت الألوان طيفاً لقطرة تمور
يتكلم الأموات الأحياء رؤية عينٍ لحقٍ
ولا يسمع الأموات إلا من كان حيّاً بالقبور
وتمضي الأيام واثقةٌ توثّق في أعطافها غزلاً
تنسجه قَدَراً على نول دائرة طيّات الدهور
النخل المشاع
صورٌ في سوَرٍ والسور أسواراً
أقيمت على نخلٍ بدوّار الديار
أشاع صاحبها ريعها طوعاً
فمن يهزّ الجزع يلتقط الثمار
الثمار ليست رطباً جنيّاً
و من على الأرض تجمع الأفكار
بل هي الكنز تحت جدارٍ
بالجهد تهدّه تجده رهناً بالجوار
تلك سنن الحياة إليها تشدّ رحالاً
عجِلاً على وجلٍ بلا مئزرٍ أو دثار
فإذا وجدت الجدار صدِعاً أقمته
فأنّى لك من خضرٍ عجباً واحتيار
تقول أليس لهذا كلّت رواحلنا اجتهادا
و سيراً حثيثاً من أجل أن يكون لنا خيار
ويجيء الجواب بأن الفعل ليس بأمري
وأن القضاء كان في الأزل سيّد الأقدار
فإن أردت أن يكون الجواب عدداً واحداً
فلا يصحّ منك أن ترى لك في الأمر ثمّ خيار
ستهزأ الأرقام منك عليك ضاحكة
تقول إنما الشهد يا صاح في الأزهار
فإن أردت قطافه تجعله زاداً
تسري به ليلاً وتسير عليه بالنهار
فأصبر في نِحلةٍ على لسعةٍ من نَحلةٍ
وأوقد منك تحت النخل جذوة من نار
فيا كلُّ من خلط الطريق بدعوةٍ
يحسب وهماً أنه السيد المختار
ليس للأقدام بُدٌّ أن تتابع السير جدّاً
تقتفي الأثر بما تراه ومضاً من الأنوار
ولن تكون إن فعلت ذلك تابعاً إمعة
بل تكون بالحق أنت نافخ المزمار
سيّد القوم خادمهم والخادم سيداً
بسلطانٍ من جذوة الفكر والأذكار
فلا تتردد عن خدمة بالمنام تراءت
أو أنها كانت شهود عيانٍ بالنهار
فإن في الحق ذلك ديناً خالصاً
وليس الدين إلا تحرّ الصدق في الإيثار
لا رياء ولا فيما أتيت تشوّف سمعةٍ
بل حقيقٌ مجرّدٌ حديدٌ كنصل الصامد البتّار
هكذا يكون الوفاء بالحق به ولأجله
يُقام الركنُ بسطاً وتُهدّ أعمدة الجدار
وهكذا حال منوال الحياة تصاعداً
محواً وإثباتاً فعلى خطين ينطلق القطار
طريق الحقيقة واحدٌ لا فروع له
وعلى رجلين يقوم الحق بوّاباً للعمار
وبعد العسر يجيء يسراً قبلاً وبعداً
وتدور دائرة الحياة دورة لولبٍ دوّار
قانون اكتمال سير الحياة ليس حماراً
وليس بالقطع قطاراً على متوازيين يُدار
بل هو السير حثيثاً نحو القيّم الحاسب عدلاً
بواحدةٍ يعادل عشراً وعن رطل يعوّض القنطار
النفوسُ تُجازى بقيمة السلب واحدةً
وليس للإيجاب حدوداً عندها ينهار
فلا تبتئس خشية الوقوف بسلبٍ
فالإيجابُ كنزٌ على رأس اللحظة منار
محطات القطار على طول الطريق عديدة
وليس للمسافر على القطار نهاية استقرار
فإن عند رأس كل حقيقة جسراً
من عنده ولعنده يعاود المشوار
الموت محطة استراحةٍ بطريق تنقلٍ
يتبدّل عندها السوّاق الكابتن الطيّار
يشيخ الطين تفنيه تعاريج قسمات البِلى
والماء لا يفني ما بقيّ مخفيّاً بقارورة الأقدار
جسد الطين تراباً يشكّل قطباً سالباً
والروح بالإيجاب ماء البحر يطير للأنهار
البحر في عموم الكون بحر واحد
والبحيرات والأنهار وليدة الأمطار
كذاك الروح قيد الأمر واحدةٌ
بلا لونٍ لمظهرها ولا تحدها الأسوار
الماء صرفاً لا لون لا طعماً ولا رائحة له
قد سبق أزلاً أمر نفخ الروح بالإشهار
فالخلق قديماً أمرٌ أقدم والنفخ لاحقٌ
تعليماً بمعرفة الأسماء لكل شجرةٍ وثمار
كيف تجني الورد عطراً
ركبت عُرف البرق شوقاً إلى حيث الحبيب
وهل كان البراق إلا أجنحة الحنين إلى الرفيق
جئت أحمل الخفقان أخطب وُدّ ليلى
فتراءت لي سُعادٌ عند مفترق الطريق
قالت كيف تجني الورد فلاّ و ياسميناً ونرجساً
في قوارير فضة عطراً وأنت في شبر ماء غريق
لقد زرعت جهلاً رأس الجسر شوكاً عويراً
وكان أولى لك أن تفرشه عسجداً وعقيق
قالت لي تمنّى ما تراه لك قربانًا لقربٍ
قلت وهل تتغير الكتب في اللوح العتيق
قالت ألا مهلاً كُفّ جهلاً وادعاء معرفةٍ
فأنّك أن تتمنّى فذاك القضاء في الترقيق
قلت يا ليت أني ضوءاً أعبر الأكوان لمحاً
إلى حيث أصحو من مواتٍ ومن نومٍ أفيق
قالت ألا هل كُفّ جهلاً تتمنى بالظن وهماً
فما الأكوان إلاّ صورة ما كُنّ فيك خافياً ودقيق
قلت ويحاً بالرحل هو في عقر داري قائماً
وأهيم رحّالاً أنشد خيالاً هام بالأفق السحيق
أيّ جهلٍ هذا!!
البرهان بين ناظريك إماماً
وتهاجر إلى الآفاق تطلب شاهد التحقيق
الفرد فينا وجه دربٍ في قدودٍ تفرّقت
في اختلافٍ بشكل باصمة العبد الرقيق
وتفرّدت القدور بالحق المبين تبايناً مميّزاً
بتصويرٍ في تدريجٍ لطوائف الألوان بالتفريق
شفافية الشاشات بقدر كمّ الطين مُلطّخاً
بأكتاف أطباقٍ تستقبل الوحي حيّاً بلا تلفيق
ولا يُخففُ الطين عن ساتٍ إلا بإيقان قلبٍ مُحققٍ
لحقيقة أن الزمكان جلاء قواعد الميزان الدقيق
الحياة تنطلق جواباً على سؤالٍ عن غلامين يتيمين
سئل قبل أن يُقال ألست والجواب ما زال في التحقيق
الأيام تمضي بالسلب والإيجاب جاء ما انفك يجيء
والآجال لا تزيد لا تنقص تنتهي إلى الموقوت بالتدقيق
قبورٌ تحت أشجار السماح
قبورٌ بباطن الأرض تنادي أسياد حياتها
جنانٌ خالداتٌ تحت ظلال أشجار السماح
وقبورٌ كباسطات الطير مفرودٌ جناحها
في أعلى أعالي السامقات تدور بلا جناح
و قبرٌ ولا قبرٍ بأرضٍ ولا أرض بها ولا بأديمها
هو بين لاآت إلاتٍ نافياتٍ مثبتاتٍ خافياً ومتاح
إن قصدت منه القرب تجده وجداً رهن بنانها
تلقاه إلى جوارك واجداً جاءت به نسماتٌ فراح
فإن كان السير منك إليه خطواً حثيث رماحها
جاءك منه اللطف يسعى بريق البرق في الدجنّة لاح
وإن تباطأت هممٌ بتعثر الأقدام سعياً على خطواتها
ما تُركت سهواً ولا أنت في النسيان وارداً بل المذكور بالألواح
تنبيه
قطعت الصلاة على نبض الحياة وترياقها
على أحرف الخواطر كان بها اللسان لهيج
فهل الجفاء أم طغيان من خلعت عنها حياءها
أم قد استغنت الأرض بقطر الندى عن وابلٍ هجليج
فإذا نظرت فيك وجدت عنك قطيعةً لحبل خبائها
فأيّ خيال حياة ركبت حتى ُحجبت عن برد الهجيج
كتبت وقد أطاعك متن الحرف نثراً وشعر شعورها
فليتك كنت أحمق من بعيرٍ يجهش بالبكاء بعينٍ رجيج
المعراج إلى سماء الأرض لا إلى أرض السماء
تتنزّلُ السماء لا تعرج الأرض إليها
ليكون كما في السماء
كذلك على الأرض مهد الحنين
المعراج ليس صعوداً إلى قممٍ سماء
بل هو الرجوع إلى الأغوار
نُزُولاً لكشف الغطاء عن عين المعين
جبريل السلام عليه عقلٌ عقل الفؤاد بربه
قال ها أنت وربّك
وما الأنوار إلا رجع صدى الصفاء المكين
العروج جسداً وروحاً وتلك حقيقة
والرؤية جمع انقسامٍ في واحدٍ
رتق الجواري عند مراسي الحق اليقين
الأرض والسماوات للجسد مقاما و بسطاً
وروح الأمر فوق الأرض تجسيداً
لقيم جمال صفاء جلال الكمال العين المعين
العروج تقلّب الروح في الطين من آدم إليه
إلى أن جاءت إحداهن تسعى
تقول يدعوك أبي وتم زواج الضياء بالنور المبين
الافتراض المفروض
هل لا بدّ أن يكون الوجه الآخر
طرفاً شريراً في كل مقامات الأحوال
أم ما من بدّ أن تعاريج الطيف بقوس الألوان
تحددها زغزغة رموش عيون الأشكال
هل يُفترضُ لمعرفةٍ فرضاً رحّالاً
داخل دائرة الحسبان بلا مفتاحٍ للإدخال
أم أن الافتراض كبش فداء التضحية
لآلامٍ يستسلم لا يعترض ولا يحتال
فهل هل يُفترض فرضية مطروحة
تجادل عنها فيها فوراً بلا إهمال
أم أنها فرضٌ فيك عليك تؤدّيه
لتجد الأمر المفروض أمامك في الحال
الافتراضُ سؤالٌ مسبارٌ يستطلع آفاقاً
والفرض جوابا يستقبل حالاً مفترضاً رحّال
فأنك أن تؤمن فذاك جواب قبولٍ
لإنزال الحال الرحّال في الحال مقاماً جوّال
مقامات الإيقاع لحياة كمُوسيّقى مُنوتنة
سُلّمٌ لولبٌ سباعي الدوزنة ثنائي البدال
أول آية نزلت
نزلت الآيات تنزّلت مُنجّمةً لأرض حياةٍ
مُلوّنةٍ مُنسّقةٍ في لوحة شكل العنوان
وكان الزواج أول آية على العنوان نزلت
بها وعليها قامت أعمدة قوام البنيان
العنوان بما فيه وشكل تعاريج الألوان
جمعاً مرهوناً داخل مخزون ذاكرة الإنسان
الإنسان هو العنوان هو اللوح المحفوظ
المقصود عند نهاية لوحة تشكيل الفنان
ذاكرة العنوان حوت جميع بيانات الكون
وكل الخلجات بموجات الصوت وذبذبة الخفقان
المهديُ يتمّ له الإصلاح في ليلةٍ مقدّرةٍ
بصياح الديك عند فتح ملفات التبيان
وتلك ملفاتٌ تُستعرض يومياً على رأس اللحظة
وُيجرى فيها منها وعليها الإصلاح لمطلق إنسان
الاسم الأعظم العظيم تعالى جلّ جلاله
مفتاح بيانات القرآن مأذون قِران الفرقان
صورته الأسمى الموصوفة بأول آية نزلت
إنسانٌ ما له إلا له شاهدٌ حاضرٌ هذا الآن
الشاهد النافخ في الصور والصور ونافخه
تماثلهم عملةٌ بعينٍ واحدةٍ لها منها فيها وجهان
لمن يكون الولاء
اللوح والرق سندانٌ ومطرقةُ
بينهما حكمة تقدير قضاء التبيان
بهذا الآن على ما شاء
صاحب الشأن المعلّى فنانٌ
يشكّل الحديد كيف يشاء
أخطاء أولي العلم ومعرفةٍ تعدّ كبيرة
والعقاب ضعف ما يكال للضعفاء
فالضعف في التقدير ليس إلاّ جهلاً
والعلم بالتقاضي زاد إبليس استعلاء
إن أخطأت فقلت صدقاً لم أكن أعرف
نجوت بالكاد من نار ابتلاء بشرّ البلاء
وإن كذبت فأنت على علمٍ عصيت
فكنت بذاك زنديقاً لا لقيمةٍ لك من ولاء
فالولاء ليس من عبدٍ صالح لسيّده
بل هو ما لقيمة الخير من عبق الوفاء
والوفاء حقيقة ليس لغيرك أنت
فأنت من في كفه اجتمع شعاع الضياء
الأنانية السامية أن تستحوذ الخير لك كله
و ذاك بما وسعت لغيرك أسباب الرضاء
فإن أعلى قمم قيم الخير إيثاراً
يجعلك نافخاً منفوخاً وصوراً للجلاء
شعرة ماء الحياة
سُنّة التسيير نحو الخير تقليبٌ
لكمّ نون الكيف كافاً بين إصبعين
إصبعان وكمّ نونٍ يكونان ثالوثاً
يبلور الكيف تفرّداً بملتقى البحرين
بحرٌ محيطٌ أجاجٌ لا يحل شرابه
والملح ضرورةٌ لتذوّق الفرق في الطعمين
فلولاه ما استسيغ الماء الفرات رواءه
ولولاه ما برزت الحياة من مقرن ملتقى المائين
شعرة ماء الحياة في النبات ضعيفة
وهي في الزوجين بحر وشيجة الضدّين
يتبع ( من إلى الواحد )